نام کتاب : ملتقى أهل اللغة نویسنده : مجموعة من المؤلفين جلد : 10 صفحه : 1343
ففي "الصَّحيحين": عن حُميد بن عبد الرحمن: أنه سَمع معاويةَ بن أبي سفيان -رضيَ الله عنهما- يوم عاشوراءَ عام حَج على المنبر يقول: يا أهلَ المدينة! أين عُلماؤُكم؟ سَمعتُ رسول الله -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم- يقول: "هَذا يومُ عاشُورَاء، ولَم يَكتُبِ اللهُ عَلَيكُمْ صِيامَهُ، وأَنا صَائِمٌ، فَمَنْ شَاءَ فَلْيَصُمْ، وَمَنْ شَاءَ فَلْيُفْطِرْ" متفق عليه. هذا حديث النبي -عليه الصلاة والسلام- الذي يَرويه عنه معاويةُ بنُ أبي سفيان -رضيَ الله عنه-. فقوله: "ولَم يَكتُبِ اللهُ عَلَيكُمْ صِيامَهُ": أي: على وجه الفرض، وهذا كان بعد فَرضِ رمضان.
وفي "الصَّحيحين" -أيضًا-: عن ابن عباس قال: "ما رأيتُ النبي -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم-يتحرَّى صيامَ يومٍ فضَّله على غيرِهِ إلا هذا اليَوم -يوم عاشُوراء-، وهذا الشَّهر؛ يعني: شهر رمضان"، انظروا هذا التحرِّي والتَّدقيق من النبي -عليه الصلاة والسلام-.
وفي "الصَّحيحين": عن الرُّبَيِّع بنت معوِّذ -رضيَ الله عنها- قالت: "أرسل النبي -صلى اللهُ عليه وسلم- غَداةَ عاشُوراءَ" أي: صباحَ عاشوراء "إلى قُرى الأَنصار: "مَن أصْبَحَ مُفْطِرًا" هذا في أوَّل الأمر "فَلْيُتِمَّ بَقِيَّةَ يَوْمِهِ، ومَنْ أَصْبَحَ صَائِمًا؛ فَلْيَصُمْ" قالت: فكنا نصومه -بعدُ-، ونُصوِّم صِبيانَنا، ونجعل لهم اللُّعبةَ مِن العِهن -القُطن-، فإذا بَكى أحدُهم على الطعام أعطَيناه ذلك، حتى يكون عند الإفطار". انظروا كيف يحدو الصحابةُ على صغارهم؛ رحمةً وتعليمًا وتربيةً وتعويدًا للخير.
وفي "الصَّحيحين": عن سلَمة بن الأكوع قال: أمر النبي -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم- رجلاً مِن "أسلم" -إحدى قبائل العرب- أن أذِّن في الناس: "أنَّ مَن كَانَ أَكَلَ؛ فَلْيَصُمْ بَقِيَّةَ يَوْمِهِ، وَمَنْ لَم يَكُنْ أكَلَ؛ فَلْيَصُمْ؛ فَإِنَّ الْيَومَ يَومُ عَاشُوراء".
وفي هذا الحديث والذي قَبله دليلٌ على مسألة يكثر الخلافُ فيها، وهي: أن بعضَ الناس في آخر أيام شَعبان، لا يَعرفون أن غدًا رمضان -بداهةً- فينامونَ وهم غير عارِفين، ولا مُرجِّحين أن اليوم التالي رمضان؛ فإذا بهم في الصَّباح -كعادتِهم- يستيقظون، يُفطرون، يأكلون، يشربون .. فإذا ذهبوا إلى العمل أخبرهم زملاؤهم وأصدقاؤهم ورفقاؤهم أن هذا رمضان!
الرَّاجح: أن مَن صار معه ذلك؛ حُكمه كَحُكم عاشوراء؛ يُتم صومَه، ولا شيءَ عليه؛ لأنَّ مناط التكليف: (العِلم والقُدرة)، فإذا تخلَّف أحدُهما؛ لم يكن التكليف قائمًا، وهكذا في هذا المقام -سواء بسواء-.
وأيضًا في "صحيح مسلم": عن أبي قَتادة -صلى اللهُ عليه وسلم-: عن النبي -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم-: "ثَلاثٌ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ، وَرَمَضانُ إِلى رَمَضانَ؛ فَهَذا صِيامُ الدَّهْرِ كُلِّهِ، وَصِيامُ يَوْمِ عَرَفَةَ: أَحْتَسِبُ عَلَى اللهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ وَالسَّنَةَ التِي بَعْدَهُ، وَصِيامُ يَوْمِ عَاشُورَاءَ: أَحْتَسِبُ عَلى اللهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ التِي قَبْلَهُ".
وفي "صحيح مسلم": عن عبدِ الله بن عمر -رضيَ الله عنهما-: أن أهلَ الجاهليةِ كانوا يَصومون يوم عاشوراء، وأنَّ رسول الله -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم- صامَه والمسلمون، قبل أن يُفترض رمضان، فلما افتُرض رمضان؛ قال رسول الله -صلى اللهُ عليه وسلم-: "إنَّ عَاشُوراءَ يَومٌ مِنْ أيَّامِ اللهِ، فَمَنْ شَاءَ صَامَهُ، وَمَنْ شَاءَ تَرَكَهُ".
وفي "صحيح مسلم": عن جابر بن سَمُرة -رضيَ الله عنه- قال: "كان رسول الله -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم- يأمرنا بصِيام يومِ عاشوراء، ويَحثُّنا عليه، ويَتعاهَدُنا عِنده".
"يتعاهدنا": هذه سُنَّة -أيضًا- تكاد تكون ضائعة؛ أن يتعاهدَ المسلمُ إخوانَه -في هذه الأيام الفاضلة-؛ أن يُذكِّرهم به، سواء في بيتِه، في سُوقه، في عملِه، في مسجدِه .. أن يُذكِّر إخوانه، وأن يتعاهدهم على هذه الأيام الفاضلة.
قال: "فلما فُرِضَ رَمَضان؛ لَم يَأمُرْنا، ولم يَنْهَنا، ولم يَتعاهَدْنا عِندَه".
"لم يَتعاهَدْنا": على الوَجه الذي فيه ذلك الإلزام، لكن؛ التَّذكير والإرشاد إلى الاستحباب؛ هذا أمر دلَّنا عليه حديثُ أبي موسى، وغيرُه من الأحاديث التي سَبقت؛ وإنما يَروِي كلُّ صحابي ما سَمِع أو رَأى.
¥
نام کتاب : ملتقى أهل اللغة نویسنده : مجموعة من المؤلفين جلد : 10 صفحه : 1343