responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : ملتقى أهل اللغة نویسنده : مجموعة من المؤلفين    جلد : 10  صفحه : 1344
.. وهذه من قواعد العلم: (الأحكام لا تُؤخَذ مُنتزَعةً، مُشقَّقة مِن حديثٍ حديث؛ وإنما تؤخَذُ مجموعةً من مجموعِ الرِّوايات والأحاديثِ الواردةِ عنه -عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم-).

وفي "صحيح مسلم": عن ابن عباس أنه قال: حين صام رسولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلَّم- يومَ عاشُوراءَ، وأمَر بِصِيامِه؛ قالوا: يا رسولَ الله! إنَّه يومٌ تُعظِّمه اليهودُ والنَّصارى؟! أشكل ذلك على الصحابة! لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- أصَّل في قلوبِ الصحابةِ وعقولِهم أصلاً: "مَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ لَيْسَ مِنَّا"، "مَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ فَلَيْسَ مِنَّا"، "لَيْسَ مِنَّا مَنْ تَشَبَّهَ بِغَيْرِنَا" .. وهكذا في نصوص متعددة، وألَّف فيها العلماءُ كتبًا مستقلةً؛ فأشكل هذا على الصحابة؛ وفي هذا دليل على أهميةِ العلمِ والتَّعلُّم والسُّؤال، حتى مِن الرَّسول -عليه الصلاة والسلام- الذي لا يَنطِق عن الهوى، والمقام مقامُ وحيٍ وتَبليغ؛ لكنه -بالمقابل- مقام سؤالٍ واستِفسار.

قالوا: يا رسولَ الله! إنَّه يومٌ تُعظِّمه اليهودُ والنَّصارى؟!؛ فقال رسول الله -صلى اللهُ عليه وسلم-: "فإذَا كَانَ الْعَامُ المُقْبِلُ إنْ شَاءَ اللهُ صُمْنا الْيَومَ التَّاسِعَ"، قال ابن عباس: "فلم يأتِ العامُ المقبلُ حتى تُوفِّي رسول الله -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم-"، وفي رواية: "لَئِنْ بَقِيتُ إِلى قابِل؛ لأَصُومَنَّ التَّاسِعَ" هذه رواية مسلم.

وعن ابنِ عمرَ -في "صحيح البخاري"- قال: "صامَ النبي -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم- عاشوراء وأمرَ بِصيامِه، فلما فُرِض رمضان؛ تَرَكَه" أي: تَرك الفَرْض، والأمرَ على وجه الافتراض. قال الرَّاوي عن ابن عمر: "وكان عبدُ اللهِ -أي: ابن عمر- لا يَصومُه؛ إلا أنْ يُوافِقَ صَومَه".

ذكر الحافظ ابن حجر -في هذه الجملة-، قال: "كان ابنُ عُمر يَكرهُ تَقصُّدَ عاشوراءَ بالصَّوم، ثم انقرضَ القولُ بِذلكَ"؛ هذا توجيهُ الحافظ ابن حجَر لهذا اللفظ في "صحيح البخاري".

لكن: رأيت في "مصنَّف عبدِ الرزاق" بالسَّند الصَّحيح: عن نافعٍ مولى ابنِ عمر: "لم يَكُنْ ابنُ عمرَ يَصومُ عاشوراءَ إذا كان مُسافرًا، فإذا كان مُقيمًا صامَه".

إذًا: يجبُ أن نَحملَ روايةَ ابنِ عمر أنه كان لا يصومُه إلا أن يُوافقَ صومَه؛ أي: أن يُوافِق ما يَجوز مِن صومِه، أو ما يُستحبُّ مِن صومِه؛ وهو: إذا كان مُقيمًا، أما إذا كان مسافرًا؛ فإنه لا يصومُه. فالرِّوايات والآثار بألفاظها يوضِّح بعضُها بعضًا.

ومع ذلك: نصَّ الإمام أحمد -رحمه الله- على أنه يُصام عاشوراءُ في السَّفر، لكن؛ على الاستحباب؛ فصيام الفرضِ -فرضِ رمضان- في السَّفر كما قال الصحابة: "كنا نُسافِرُ معَ رسولِ اللهِ -عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ-، فمِنَّا الصائمُ، ومِنَّا المُفطِر، فَلَمْ يُنْكِرْ صائِمُنا على مُفْطِرِنا، ولا مُفْطِرُنا على صائِمِنا".

ـ[أم محمد]ــــــــ[04 - 12 - 2010, 11:37 ص]ـ
وهذه الأحاديث -في الحقيقة- تضمنَّت فوائدَ عِدة:

منها: وقوعُ عاشوراء في شهر اللهِ المحرَّم، وهو خيرُ الشُّهور صِيامًا بعد رمضان.

ومنها: أنه يومٌ صالح عظيم مِن أيام الله.

ومنها: أنه يُكفِّر السَّنة الماضية؛ أي: ذنوبَها وآثامَها ومعاصيها.

ومنها: تَحرِّي النبي -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم- صومَه على سائرِ الأيام -بعد رمضان-.

ومنها: أنه يومٌ نجَّى اللهُ فيه موسى وقومَه، وأغرق فرعونَ وقومَه.

ومنها: أن صومَ عاشوراء كان واجبًا، فلما فُرض رمضان صار مُستحبًّا.

ومنها: أنَّ مَن أفطر غير عارٍف الحُكم، ثم عرَفَه؛ يُتمُّ صومَه، ولا شيءَ عليه، سواءٌ ذلك في يوم عاشوراء لمَّا كان فرضًا-كما جاء بذلك الرِّوايات-، أو ما يُحمل عليه مثلُ ذلك مِن صيام رمضانَ لمَن لم يَعْلَمْه.

ومنها: أنه ليس عيدًا، ولو كان عيدًا؛ لاعتبره النبي -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم- كذلك.

¥

نام کتاب : ملتقى أهل اللغة نویسنده : مجموعة من المؤلفين    جلد : 10  صفحه : 1344
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست