نام کتاب : ملتقى أهل اللغة نویسنده : مجموعة من المؤلفين جلد : 10 صفحه : 1331
وطائفة من المسلمين بل من محبي الخير سلك مسلكا آخر وهو طلب البركة والخير والأجر في هذا الزمن على اعتبار دخول عام جديد، فتراه يدعو إلى التوبة وكثرة الأعمال الصالحات في ختام ذي الحجة واستقبال المحرم، وتتسابق إلى ذلك رسائل الجوال، إضافة إلى نشر أدعية يستقبل بها العام، ليس عليها أثارة من علم، وليس معهم سوى مجرد الاستحسان (وإن شئت قلت الهوى والجهل).
والتفضيل لا يكون إلا بدليل شرعي، والتوبة بابها مفتوح، ولا يجوز التسويف بها، وليست مقصورة على آخر العام، والدعاء هو العبادة، والعبادة لا يجوز تخصيصها بمكان أو زمان أوحال أو قول أو هيئة إلا بالكتاب والسنة، ولئن كانت ذكرى الهجرة محدثة، فثمت أخرى ـ أيضا ـ من طقوس الكفار ينساق إليها بعض المسلمين، ويتشبهون بأعداء الدين، وهي بدعة عيد ميلاد المسيح عيسى عليه السلام التي تسمى (الكرسمس) نهاية كل عام ميلادي، وهي من ركس الدولة العبيدية الباطنية الذي جرته على بلاد المسلمين، فترى بعض المسلمين قد انغمس فيها سواء أكان عالما بحرمتها أولا، وذلك بإقامة الاحتفالات أو حضورها، وتبادل التهاني والهدايا، والفرجة على ما يصنعونه من الزور حتى ولو في وسائل الإعلام، والتوقف عن العمل، بل ربما حضر مع النصارى احتفالاتهم في كنائسهم، بل قد يبالغ في الجناية فيشاركهم شيئا من طقوسهم وشعائرهم، فأين ذهبت بهؤلاء عقولهم؟! وعلماء الملة متفقون على حرمته، قال الله تعالى (لكل أمة جعلنا منسكا هم ناسكوه) فسره ابن عباس رضي الله عنهما بالعيد.
والنبي صلى الله عليه وسلم بين أن لهذه الأمة عيدين: عيد الفطر وعيد الأضحى خرجه أحمد وأبو داود والنسائي وصححه الحاكم على شرط مسلم، فمن ابتغى عيدا سواهما فقد تجاوز وظلم، فهل يرضى مؤمن أن يضاهي بأعياد التثليث واستنقاص الرب عيدي الإسلام المشتملين على تعظيم الله وتوحيده؟! وهل علم أنهم يحتفلون بعيد ميلاد المسيح عيسى بن مريم عليه السلام، وهم يزعمون أنه إلههم، وأنه ثالث ثلاثة، تعالى الله عما يقول الظالمون علوا كبيرا، فما عيدهم هذا إلا تأكيد للشرك، فضلا عن كون الاحتفال به تشبها بالكفار، والتشبه بهم في عاداتهم وطقوسهم مما نادت نصوص الشرعية بالنهي عنه، وأطبق العلماء على تحريمه، فهو من الزور الذي نهي المسلم عن شهوده (والذين لا يشهدون الزور) فسر مجاهد وابن سيرين وطاووس والضحاك وأبو العالية الزور بأعياد المشركين، واحتج الإمام أحمد بهذه الآية على تحريم شهود أعيادهم.
وقال تعالى: (ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِنَ الأمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ إِنَّهُمْ لَنْ يُغْنُوا عَنْكَ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَإِنَّ الظَّالِمِينَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُتَّقِينَ) فأغنانا بما شرع لنا عن كل ما سواه، والاحتفال بعيد الميلاد من إتباع أهواء الذين لا يعلمون، فمن وافقهم عليه كان من الظالمين، وقد روى أبو داود وأحمد عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (من تشبه بقوم فهو منهم) جود إسناده ابن تيمية وحسنه ابن حجر. قال شيح الإسلام رحمه الله: (مشابهتهم في بعض أعيادهم توجب سرور قلوبهم بما هم عليه من الباطل ... وأقل أحواله أنه يقتضي تحريم التشبه بهم)، وقال ابن القيم: (ونهى عن التشبه بأهل الكتاب وغيرهم من الكفار في مواضع كثيرة لأن المشابهة الظاهرة ذريعة إلى الموافقة الباطنة فإنه إذا أشبه الهدي الهدي أشبه القلب القلب) [1]
وعن ثابت بن الضحاك قال نذر رجل على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ينحر إبلا ببوانة فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال إني نذرت أن أنحر إبلا ببوانة فقال النبي صلى الله عليه وسلم هل كان فيها وثن من أوثان الجاهلية يعبد قالوا لا قال فهل كان فيها عيد من أعيادهم قالوا لا قال فقال النبي صلى الله عليه وسلم أوف بنذرك فإنه لا وفاء لنذر في معصية الله ولا فيما لا يملك ابن آدم. أخرجه أبو داود وصححه الحافظ ابن حجر. (فَلَمْ يَأْذَنْ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِهَذَا الرَّجُلِ أَنْ يُوفِيَ بِنَذْرِهِ مَعَ أَنَّ الْأَصْلَ فِي الْوَفَاءِ أَنْ يَكُونَ وَاجِبًا. حَتَّى أَخْبَرَهُ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ بِهَا عِيدٌ
¥
نام کتاب : ملتقى أهل اللغة نویسنده : مجموعة من المؤلفين جلد : 10 صفحه : 1331