نام کتاب : ملتقى أهل اللغة نویسنده : مجموعة من المؤلفين جلد : 10 صفحه : 1230
بعضُ النَّاس إذا سمعنا نُذكِّر بالسُّنَّة، أو ننهى ونُحذِّر من البدعة؛ قال: هذه قُشور؛ اهتمُّوا باللُّباب، هذه صغائر؛ اهتمُّوا بالكبائر!! -يعني: الأمور الكبيرة-؛ وهذا خللٌ وزللٌ؛ فلا فرقَ في دِين الله بين صغيرٍ وكبير، ما دامَ أنَّه دِين، فما تَحسبُه هيِّنًا؛ قد يكونُ عند الله عظيمًا.
وأَذكُر في ذلك نصَّين:
- أما النَّصُّ الأوَّل: فهو قولُ النَّبي -عَليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ-: «ما حسدتْكُم اليهودُ على شيءٍ كمِثلِ ما حَسَدَتْكُمْ عَلى (آمينَ) في الصَّلاة».
اليهود قومُ حسَدٍ -فوق خُبثِهم، وكُفرِهم، وضلالِهم، وغضبِ الله عليهم-؛ يقول النَّبي -عَليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ-: «ما حسدتْكُم اليهودُ على شيءٍ كَمِثلِ ما حَسَدَتْكُمْ عَلى (آمينَ) في الصَّلاة»؛ {يَعْرِفُونَهُ كَما يَعْرِفُونَ أَبْناءَهُمْ}.
نحن -الآن- لا نُقدِّر هذه الكلمةَ -التي هي عندهم ذاتُ مكانةٍ عُظمى، ومنزلةٍ كُبرى-.
قد يقولُ قائلٌ، أو يسألُ سائل: ولماذا هذا التعظيمُ لكلمةِ (آمين)؟
كلمة واحدة: خفيفةٌ على اللِّسان، ثقيلةٌ في الميزان، حبيبةٌ إلى الرَّحمن -جلَّ في عُلاهُ، وعَظُم في عالي سَماه- لا يتنبَّه إليها النَّاس، ولا يَنتظرون ثوانيَ معدودةً لنَيْلِ هذا الأجر، والحظوةِ بهذا الصَّواب والثَّواب على وجهِ الحقِّ والصَّواب.
كثيرٌ مِن النَّاس -وللأسفِ- لا يَكادُ ينتهي الإمامُ مِن (آمينَ) -بل حتَّى قبل أن ينتَهي-؛ فإذا بهِ يسبِقونَه: (آمين)!! وهذا خطأ!!
إذا سمعتَ الإمامَ يقولُ: {ولا الضَّالِّين}، سمعتَ النونَ بسُكونِها مِن {وَلا الضَّالِّين}؛ فإنَّ هذا أوانُ بدئِه بالتَّأمين وبدئِك معه، لا تَسبقْه، واحرصْ على أن لا تتأخَّر عنه.
إذًا: سُنَّة قد يظنُّها بعضُ النَّاس شيئًا يسيرًا؛ لكنَّها عند الله -فعلًا، وأثرًا- شيءٌ كبير جدًّا.
واسمعُوا -أيضًا- الحديثُ الآخَر:
النبيُّ -عَليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ- جالسٌ في المسجد مع أصحابِه -وبينهم عُمَر-، فإذا برجلٍ -بعد الصَّلاةِ- يُصلِّي صلاةً أخرى مِن غيرِ تمهُّل؛ فقال عُمرُ -رضِيَ اللهُ-تَعالَى-عَنهُ-: (إنَّ أهلَ الكِتاب ما ضلُّوا إلا لأنَّهم لم يَجعلوا بين صلاتِهم فَصْلًا).
كم مِن النَّاس -اليومَ- يُخالِفون هذه السُّنَّة؟! ما أن ينتهيَ الإمام من صلاةِ الفريضة: (السَّلام عَليكُم ورحمةُ اللهِ .. السَّلام عَليكُم ورحمةُ اللهِ)؛ إذا بهم -كأنَّهم على جمرٍ مِن النَّار- لا ينتظِرون، وليس لهم قرارٌ، يقومون -كأنَّما أصابهم المسُّ!! - مباشرةً ليُصلُّوا السُّنَّة؛ وهذا خلافُ السُّنَّة.
الأصل: أن يكونَ -ثمَّةَ- فصلٌ؛ إمَّا بكلامٍ، أو بِحركةٍ؛ أمَّا: (السَّلام عَليكُم ورحمةُ اللهِ .. السَّلام عَليكُم ورحمةُ اللهِ .. اللهُ أكبر)!! كما يفعلُ كثيرون مِن النَّاس -وبخاصَّة في هكذا مساجد في الأسواقِ-؛ حتى يُدرِك دُكانَه، أو مكتبَه، أو شركتَه، ولو أنَّه جلس دقيقةً -أو دقيقتَين-؛ لم يُخطئ؛ بل لهُ أجرُه، وله ثوابُه.
قال عمرُ: (إنَّ أهلَ الكِتاب ما ضلُّوا إلا لأنَّهم لم يَجعلوا بين صلاتِهم فَصْلًا).
النبي -عَليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ- جالس؛ ماذا قال له؟ «أصابَ اللهُ بكَ -يا ابن الخطَّاب-»؛ فصار قولُ عمرَ كأنَّه حديثٌ لرسولِ الله -صلَّى اللهُ عليهِ وآلِه وسَلَّم-.
هذه مقدِّمات أكثرُ إخواننا يعرِفونها؛ لكنَّ الذِّكرى تنفع المؤمنين.
شهرُ صفَر: شهرٌ من الشُّهور الهجريَّة التي ذكرَها الله -تَبارَك وتَعالَى- على وجهِ الجُملة في كتابِه: {إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ..} إلى آخرِ الآياتِ الكريمات.
سُمِّي شهرُ صفَر بهذه التَّسميةِ -كما يقولُ ابنُ منظور في «لسانِ [العرب]» - لأنَّه سببٌ في إصفارِ أهلِ مكَّة منها -أي: إخلائِها-؛ فسُمِّي صفرًا مِن هذه الحيثيَّة.
¥
نام کتاب : ملتقى أهل اللغة نویسنده : مجموعة من المؤلفين جلد : 10 صفحه : 1230