responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : ملتقى أهل اللغة نویسنده : مجموعة من المؤلفين    جلد : 10  صفحه : 1207
ألا ما أسوأ أن يكون المسلم على ثغرة من ثغور الإسلام، ينافح عن دينه، ويتلقّى سهام أعداء الإسلام بصدره، وفي الوقت نفسه يخذل من إخوانه، فيطعن منهم بظهره، ويتّهم في دينه وعرضه.؟! وربّما استجرّ بذلك إلى ترك الثغرة التي هو قائم عليها، والالتفات إلى معارك جانبيّة، لا أوّل لها ولا آخر .. وأظنّ أنّها صورة لا نرضاها لأنفسنا، ولكنّه واقع نعيشه وألفناه.! ثمّ نسأل متى نصر الله.؟!
وأنا لا أكتب ما أكتب دفاعاً عن أحد، وإنّما تقريراً لمنهج، ونقداً لواقع عامّ .. وإن كنت يشرّفني أن أدافع عن عرض أيّ مسلم، ظاهره الخير والصلاح ..
8 ـ تنوّع خطاب الداعية وأسلوبه ظاهرة صحّيّة، لا تدعو إلى الرفض والإنكار: فلا يخفى على كلّ طالب علم وداعية أنّ خطاب الداعية وأسلوبه يتنوّع على حسب الفئة التي يخاطبها؛ فخطاب العامّة غير خطاب الخاصّة، وخطاب المتديّنين غير خطاب البعيدين الشاردين، والخطاب العلميّ الأكاديميّ غير الخطاب الوعظيّ العاطفيّ، وخطاب الكبار غير خطاب الأطفال والشباب .. فلكلّ مقام مقال، ولكلّ جبهة سلاح وعتاد، وطعام الكبار سمّ للصغار، وقد أمرنا أن ننزل الناس منازلهم، ونخاطب الناس على قدر أفهامهم، وقربهم من الحقّ والخير أو بعدهم، وكلّ ذلك يدخل في ميدان حكمة الداعية، وفقهه لدينه، ووعيه بالواقع ومستجدّاته ومتغيراته: (.. ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيراً كثيراً ..) الآية /269/ من سورة البقرة.
9 ـ اجتماع الكلمة، وتآلف القلوب فريضة كبرى، فإن لم نصل إليها، ولم نقدر عليها فلا أقلّ من كفّ ألسنتنا عن إخواننا، واشتغالنا بما ينفع الأمّة، ويكون خطوة ولو بطيئة في سبيل اجتماع كلمة الأمّة، واجتماع جهودها، ووحدة صفّها .. ولا نجانب الحقيقة ولا نبالغ إذا قلنا: إنّ أكثر ما حلّ بنا من الضعف والتخاذل، وضعف العطاء، وتكالب الأعداء إنّما سببه تفرّق القلوب، واختلاف الكلمة، وفساد ذات البين ..
10 ـ الحوار العلميّ هو اللغة الحضاريّة الراقية التي نزل بها القرآن الكريم،وأخذ بها النبيّ http://www.islamcg.com/vb/images/smilies/salla2.gif في دعوته وهديه، ولم يرشد إليه في التعامل بين المسلمين فحسب، وإنّما في التعامل مع أصحاب الديانات الأخرى، فهو السبيل الأمثل في الدعوة إلى الله تعالى، لأنّ من كان على بيّنة من أمره، ويقين من دينه، لا يهرب من مواجهة الباطل بالحوار، ولايفزع ..
وإذا كان المسلم مطالباً بمجادلة غير المسلم بالتي هي أحسن، فمن باب أولى أن يحاور أخاه المسلم بلغة راقية، وأسلوب لا يوحش القلوب، ولا يعكّر صفو العلاقة .. وكيف نطمع بنصرة ما معنا من الحقّ وقبوله إذا سلكنا سبيل الفظاظة والمخاشنة.؟!
11 ـ من القواعد المقرّرة، التي تتّصل بالموضوعيّة، والتجرّد عن الهوى والعصبيّة، ولا خلاف عليها فيما أحسب: أنّنا نعرف الرجال بالحقّ، ولا نعرف الحقّ بالرجال، فالرجال مهما بلغوا من العلم والفضل يؤخذ منهم الحقّ، ويترك منهم ما خالفه، والحقّ أحبّ إلى القلوب من الرجال، ولا أحد يعدّ كلامه معياراً وميزاناً للحقّ إلاّ رسول الله http://www.islamcg.com/vb/images/smilies/salla2.gif ، الذي لا ينطق عن الهوى، إن هو إلاّ وحي يوحى ..
وهذه القاعدة تعني أنّنا لا نقدّس أحداً من الرجال، ولكنّنا أيضاً لا نهدر مكانتهم ومنزلتهم، ولا نرضى بانتقاصهم لخطأ اجتهاديّ أخطؤوه، فيما نحسب ونجتهد، كما لا نسيء الظنّ فيما ذهبوا إليه من مواقف واجتهادات .. فما أحسن العدل والإنصاف.! ومَن أولى به غير المسلم.؟!
وقد قلت في موقف لأخ أطلق لسانه في عرض أخيه بالاتّهام، لاجتهاد بلغه عنه: " يا أخي كما أنّني أحسبك من أهل الغيرة على دين الله، فأحسب أنّ أخاك على مثل غيرتك، فارفق بأخيك، ولا تتعجّل بالتجريح والاتّهام .. "
وبعد؛ فإنّ من يعي واقع الأمّة ومآسيها، وتكالب أعداء الإسلام عليها من كلّ جانب، لا يرضى لنفسه أن يكون جهده وجهاده إلاّ في تقوية صفّها الداخليّ، وتحصين بنيانها وحمايته، وتوظيف نفسه للمرابطة على ثغرة من ثغور الإسلام، وثلمة من الثلم، التي ينفذ منها أعداء الإسلام إلى عقول أبناء الإسلام وقلوبهم.
(رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَءَامَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ (10))
«اللهمّ أرنا الحقّ حقّاً، وارزقنا اتباعه , وأرنا الباطل باطلاً، وارزقنا اجتنابه , ولا تجعله ملتبساً علينا فنضلّ» هذا والله تبارك وتعالى أعلم، وأستغفر الله العظيم ممّا زلّ به القلم.
وصلّى الله وسلّم وبارك، على عبده ونبيّه سيّدنا محمّد، وعلى آله وصحبه أجمعين. والحمد لله ربّ العالمين. وكتبه الفقير إلى مولاه: عبد المجيد البيانوني

([1]) ـ وقد لاحظت بعد ذلك أنّه حذف من الموقع نهائيّاً، وكان من الخير أن لا ينشر أصلاً.

([2]) ـ اقتضاء الصراط المستقيم (1/ 148).

([3]) ـ رواه البخاري (1/ 10) ومسلم (1/ 49).

([4]) ـ هذا البيت لدِعبل الخُزاعيّ (ت 246هـ)، وقد توارد الشعراء على تضمين شطره بشعرهم، يقول مسلم بن الوليد الأنصاري (ت 208هـ):
لعلَّ له عُذراً وأنتَ تلومُ ..... وكم لائمٍ قد لامَ وهوَ مليمُ
وقال أبو العلاء المعرِّي (ت 429هـ):
لكَ اللهُ لاتذْعَر وَليًّا بغَضبَةٍ ..... لعلَّ له عُذراً وأنتَ تلومُ.

([5]) ـ قال ذلك عند ما قضى في ميراث الإخوة الأشقاء مع الإخوة لأم؛ فحرمهم مرة من الميراث، وأشركهم معهم مرة أخرى. انظر المغني ابن قدامة: 9/ 57. والأحكام السلطانية (1/ 114) والبيهقي في سننه الكبرى 10/ 120.

([6]) ـ انظر إعلام الموقعين عن رب العالمين (1/ 111).

([7]) ـ رواه محمد بن نصر من حديث يزيد بن مرثد مرسلاً.

([8]) ـ من دروس الشيخ سلمان العودة (267/ 17)، كما في الموسوعة الشاملة.

نام کتاب : ملتقى أهل اللغة نویسنده : مجموعة من المؤلفين    جلد : 10  صفحه : 1207
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست