responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : ملتقى أهل اللغة نویسنده : مجموعة من المؤلفين    جلد : 10  صفحه : 1206
وكثير من الدعاة وطلبة العلم يلزم ما ألفه واعتاده، ويتمسّك به أشدّ التمسّك، وينافح عنه، قبل التفكير فيه: أهو من الثوابت التي لا خلاف فيها أم من الأمور المختلف فيها.؟ فتراه يسارع إلى إنكار ما لم يألف، بل والشدّة في ذلك بصورة تخرجه عن الموضوعيّة، والمنهج العلميّ الرشيد ..
6 ـ من الظواهر الصحّيّة في العالم والداعية أن يتطوّر خطابه الشرعيّ والدعويّ، وينضج ويتجدّد، وإلاّ فإنّه يتخلّف عن مستجدّات عصره، وينعزل عن الواقع ولا يعيشه، ويجمد ويتآكل، وربّما كانت مواقفه فتنة على الناس، وإساءة لدين الله من حيث لا يشعر ..
وهذه الظاهرة الصحّيّة التي نراها في العالم والداعية، ونشيد بها فيماأثر عن بعض الأئمّة من السلف، ربّما نظر إليها بعضهم على أنّها منقصة ومثلبة، فما أكثر ما قرأنا وسمعنا من بعض أهل الغيرة والحميّة أنّهم يحاكمون بعض العلماء والدعاة إلى ما كانوا عليه قبل ربع قرن أو يزيد، ويعدّون تغيّرهم مثلبة، وانتكاساً عن الهدى وانحرافاً، ويغمزون بهم ويلمزون، ولا يزالون يناشدون أحدهم في كلّ مناسبة: عد إلى ما كنت عليه يا فلان .. أين فلان الذي كان كذا وكذا.؟! لقد تغيّر فلان، ولم يعد من نعرفه ..
ونقول لهؤلاء: ميّزوا يا إخواننا بارك الله فيكم بين الثوابت والمتغيّرات، وبين المقاصد والوسائل، وبين الأحكام المطلقة، والأحكام المؤقّتة، المرهونة بظروفها وملابساتها .. وفتّشوا أنفسكم هل أنتم لم تتغيّروا أبداً .. فعلام الإنكار على ما لا يدخل تحت الإنكار.؟!
وقد ثبت أنّ كثيراً من الصحابة رضي الله عنهم، وهم خير القرون أشاروا إلى تغيّر حصل في حياتهم بعد رسول الله http://www.islamcg.com/vb/images/smilies/salla2.gif ، ولم يكن ذلك بالضرورة سيّئاً أو انحرافاً عن الهدى، وإنّما كان من قبيل التكيّف مع المستجدّات، ممّا لا يتعارض مع دين الله ومنهجه، وهدي نبيّه http://www.islamcg.com/vb/images/smilies/salla2.gif وسنّته ..
وقد ثبت أيضاً عن الخليفة الراشد عمر الفاروق رضي الله عنه أنّه اختلف حكمه واجتهاده في مسألة بين وقت وآخر، وعندما قيل له: لقد قضيت فيها بكذا وكذا يا أمير المؤمنين، فقال رضي الله عنه: " تِلْكَ عَلَى مَا قَضَيْنَا وَهَذِهِ عَلَى مَا نَقْضِي " ([5]).
وقال رضي الله عنه في كتابه إلى أبي موسى الأشعريّ في القضاء: " .. وَلا يَمْنَعَنَّكَ قَضَاءٌ قَضَيْت فِيهِ اليَوْمَ فَرَاجَعْت فِيهِ رَأْيَك فَهُدِيت فِيهِ لِرُشْدِك أَنْ تُرَاجِعَ فِيهِ الحَقَّ، فَإِنَّ الحَقَّ قَدِيمٌ لَا يُبْطِلُهُ شَيْءٌ، وَمُرَاجَعَةُ الحَقِّ خَيْرٌ مِنْ التَّمَادِي فِي البَاطِلِ " ([6]).
7 ـ " كلّ رجل من المسلمين على ثغرة من ثغور الإسلام، الله الله لا يؤتى الإسلام من قبلك " ([7]). ممّا لا يخفى على كلّ طالب علم وداعية أنّ الساحة الدعويّة أرحب مجالاً للاجتهاد، وأوسع من الساحة الشرعيّة، فأكثر قضاياها تدور حول المصالح المستجدّة في حياة الناس، ومن هنا تتنوّع الاجتهادات وتختلف بين بيئة وأخرى، وزمن وآخر، ولا ينبغي لداعية أو طالب العلم أن يضيق بذلك ذرعاً أو يقصر نظراً، ممّا هو من مزايا هذه الشريعة الربّانيّة الخالدة.
يقول الشيخ سلمان العودة: " أنا لا أقول عن نفسي ولا عن غيري: إنّنا استفرغنا القيام بكلّ الواجبات الكفائيّة، بل أقول: إنّ أكثر الدعاة يرى الواحد منهم أنّه قام ببعض الواجب، وسدّ بعض النقص، وغطّى بعض الأمور، وقام في بعض الثغور، وأنّ غيره قام بواجبات أخرى، فكلّ من قام بواجب ممّا اشتغل به الدعاة، أو مما لم يشتغل به الدعاة فنحن نشكره ونؤيّده، وندعو له، ولا نقول: إنّ الذي نقدّمه إنّما نقدّمه للناس هو منهج ينبغي للجميع أن يسلكوه؛ بل هو محاولة لسدّ نقص، وتلافي ثغرة موجودة، وغيرنا يقوم بغير ذلك من ألوان الخير وصنوفه، وكلٌّ على ثغرة من ثغور الإسلام، وكلٌّ على خير إن شاء الله تعالى " ([8]).
¥

نام کتاب : ملتقى أهل اللغة نویسنده : مجموعة من المؤلفين    جلد : 10  صفحه : 1206
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست