نام کتاب : ملتقى أهل اللغة نویسنده : مجموعة من المؤلفين جلد : 10 صفحه : 1165
لذلك فهذا الاحتفال يكفي أن تعرفوا أنه مُحْدَثٌ ليس من الإسلام في شئ، ولكن يجب أن تتذكروا مع ذلك أن الإصرار على استحسان هذه البدعة، مع إجمالٍ جميلٍ كما ذكَرْتُ آنفا أنها محدثة، فالإصرار على ذلك أخشى ما أخشاه أن يُدْخِلَ المِصْرَ على ذلك في جملة {اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ} [سورة التوبة: 31].
وأنتم تعلمون أن هذه الآية لما نزلت وتلاها النبي - صلى الله عليه وسلم - كان في المجلس عدي بن حاتم الطائي، وكان من العرب القليلين الذين قرأوا وكتبوا وبالتالي تنصروا، فكانَ نصرانيا فلما نزلت هذه الآية لم يتبين له المَقصِدَ منها، فقال يا رسول الله! كيف يعني ربنا يقول عنا نحن النصارى سابقا {اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ} [سورة التوبة: 31].
ما اتخذناهم أحبارنا أربابا من دون الله - عز وجل -.كأنه فَهِمَ أنهم اعتقدوا بأحبارهم ورُهبانهم أنهم يَخلُقون مع الله، يَرْزُقون مع الله وإلى غير ذلك من الصفات التي تفرد الله بها - عز وجل - دون سائر الخلق.
فبين له الرسول - عليه السلام - بأن هذا المعنى الذي خطر في بالك، ليس هو المقصود بهذه الآية، وإن كان هو معنى حقّ، يعني لا يجوز للمسلم أن يعتقد أن إنسانا ما، يَخلقُ وَيَرزُق.
لكن المعنى هنا أدق من ذلك فقال له: (ألستم كنتم إذا حرموا لكم حلالاً حرمتموه؟ وإذا حللوا لكم حراما حللتموه؟ قال: أمّا هذا فقد كان. فقال - عليه السلام -، فذاك اتخاذكم إياهم أربابا من دون الله).
لذلك فالأمر خطيرٌُ جداً استحسانُ بدْعَةِ المستحسنِ وَهُوَ يعلم أنه لم يكن من عمل السلف الصالح، وَلَوْ كان خيراً لسبقونا إليه، قد حشر نفسهُ في زمرة الأحبار والرهبان الذين اتّخِذوا أرباباً من دون الله - عز وجل -، والذين أيضا يقلدونهم، فهم الذين نزل في صَدَدِهِم هذه الآية أو في أمثالهم {اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ}
غرضي من هذا أنه لا يجوز للمسلم كما نسمع دائما، وكما سمعنا: قريباً معليش الخلاف شكلي، الخلاف جذريّ وَعَميقٌ جداً، لأننا نحن ننظر إلى أن هذه البدعة وغيرها داخلة.
أولاً: في عموم الحديث السابق "كل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار).
وثانيا: ننظر إلى أن موضوع البدعة مربوط بالتشريع الذي لم يأذن به الله - عز وجل - كما قال - تعالى - {أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ} [سورة الشورى: 21].
وهذا يقال كله إذا وقف الأمر فقط عند ما يسمى بالاحتفال، بولادته عليه السلام بمعنى قراءة قصة المولد أما إذا انضم إلى هذه القراءة أشياء وأشياء كثيرة جدا منها أنهم يقرءون من قصته - عليه الصلاة والسلام - قصة المولد.
أولاً: مالا يصح نسبته إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -.
وثانيا: يذكرون من صفاته - عليه السلام - فيما يتعلق بولادته ما يشترك معه عامة البشر، بينما لو كان هناك يجب الاحتفال أو يجوز على الأقل بالرسول - صلى الله عليه وسلم - كان الواجب أن تُذكر مناقبه - عليه الصلاة والسلام – وأخلاقه، وجهاده في سبيل الله، وقلبُهُ لجزيرة العرب من الإشراك بالله - عز وجل - إلى التوحيد، من الأخلاق الجاهلية الطالحة الفاسدة إلى الأخلاق الإسلامية.
كان هذا هو الواجب أن يفعله، لكنهم جروا على نمط من قراءة الموارد لا سيما إلى عهد قريب عبارة عن أناشيد وعبارة عن كلمات مسجعة، وَيُقال في ذلك من جملة ما يُقال مثلا مما بَقى في ذاكرتي والعهد القديم "حملت به أمه تسعة أشهر قمرية" ما الفائدة من ذكر هذا الخبر؟ وكل إنسان منا تحمل به أمه تسعة أشهر قمرية، القصد هل أفضل البشر وسيد البشر - عليه الصلاة والسلام - يُذكر منه هذه الخصلة التي يشترك فيها حتى الكافر إذا خرج القصد من المولد خرج عن هدفه بمثل هذا الكلام الساقط الواهي.
بعضهم مثلا يذكرون بأنهُ ولُِدَ مختوناً، مشروع وهذا من الأحاديث الضعيفة والموضوعة، فهكذا يُمْدَح الرسول - عليه السلام -؟.
¥
نام کتاب : ملتقى أهل اللغة نویسنده : مجموعة من المؤلفين جلد : 10 صفحه : 1165