نام کتاب : ملتقى أهل اللغة نویسنده : مجموعة من المؤلفين جلد : 10 صفحه : 1164
هذا التقسيم لا أصل له في الشريعة الإسلامية كيف وهو مصادم مصادمة جلية للحديث الذي تسمعونه دائما وأبدا (كل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار) فليس هناك بدعة لا يستحق صاحبها النار.
ولو صح ذلك التقسيم لكان الجواب: ليس كل بدعة يستحق صاحبها دخول النار، لم؟ لأن ذاك التقسيم يجعل بدعة محرمة فهي التي تؤهل صاحبها النار، وبدعة مكروهة تنزيها لا تؤهل صاحبها للنار، وإنما الأوْلى تركُها والإعراض عنها.
والسِرّ وهنا الشاهد من إشارتي السابقة التي لا ينتبه لها الكثير، والسِّرّ في أن كل بدعة كما قال - عليه الصلاة والسلام – بحق، ضلالة، هو أنه من باب التشريع في الشرع الذي ليس له حق التشريع إلا رب العالمين - تبارك وتعالى - فإذا انتبهتم لهذه النقطة عرفتم حينذاك لماذا أطلق - عليه الصلاة والسلام - على كل بدعة أنها في النار، أي صاحبها ذلك لأن المبتدع حينما يشرع شيئا من نفسه، فكأنه جعل نفسه شريكا مع ربه- تبارك وتعالى - والله - عز وجل - يأمرنا أن نوحده في عبادته، وفي تشريعه فيقول مثلاً في كتابه: {فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ} [سورة البقرة: 22]. أندادا في كل شئ من ذلك في التشريع.
ومن هنا يظهر معشر الشباب المسلم الواعي المثقف الذي انفتح له الطريق إلى التعرف على الإسلام الصحيح من المفتاح لا إله إلا الله، وهذا التوحيد الذي يستلزم كما بَيّنَ ذلك بعض العلماء قديما، وشرحوا ذلك شرحا بيّنا، ثم تبعهم بعض الكتاب المعاصرين، أن هذا التوحيد يستلزم إفراد الله - عز وجل - بالتشريع يستلزم ألا يُشَرّعَ أحدٌ مع الله - عز وجل - أمراً ما، سواء كان صغيراً أم كبيراً، جليلاً أم حقيراً، لأن القضية ليست بالنظر إلى الحكم هو صغير أم كبير، وإنما إلى الدافع إلى هذا التشريع، فإن كان هذا التشريع صَدَرَ من الله تقربنا به إلى الله، وإن كان صدر من غير الله - عز وجل - نبذناه وشرعته نبذ النواة.
ولم يُجِزْ للمسلم أن يتقرب إلى الله - عز وجل - بشيء من ذلك، وأوْلى وأوْلى ألاّ يَجوز للذي شَرَعَ ذلك أن يشرعه وأن يستمر على ذلك وأن يستحسنه.
هذا النوع من إفراد الله - عز وجل - بالتشريع هو الذي اصطلح عليه اليوم بعض الكتّاب الإسلاميين بتسمية بأن الحاكمية لله - عز وجل – وحده، لكن مع الأسف الشديد، أخذ شبابنا هذه الكلمة كلمة ليست مَبْيِنّة مُفَصّلَة، لا تشتمل كل شِرعَةٍ، أو كل أمر أدْخِلَ في الإسلام، وليس من الإسلام في شئ أن هذا الذي أدخل قد شارك الله - عز وجل - في هذه الخصوصية، ولم يُوَحّدِ الله - عز وجل - في تشريعه، ذلك لأن السبب فيما أعتقد في عدم وضوح هذا المعنى الواسع لجملة أن الحاكمية لله - عز وجل - هو أن الذين كتبوا حول هذا الموضوع، أقولها مع الأسف الشديد ما كتبوا ذلك إلاّ وهم قد نبّهوا بالضغوط الكافرة التي تَرِدُ بهذه التشريعات وهذه القوانين من بلاد الكفر وبلاد الضلال.
ولذلك فهم حينما دعوا المسلمين، وحاضروا وكتبوا دائماً وأبداً حول هذه الكلمة الحقّة، وهي أن الحاكمية لله - عز وجل - وحده كان كلامهم دائما يَنْصَبّ وَيَدورُ حول رَفْضِ هذه القوانين الأجنبية التي ترد إلينا من بلاد الكفر كما قلنا، لأن ذلك إدخال في الشرع ما لم يشرعه الله - عز وجل -.
هذا كلام حقٍ لاشكّ ولا ريب، ولكن قصدي أن ألفِتَ نظركم أن هذه القاعدة الهامّة وهي: أن الحاكمية لله - عز وجل - لا تنحصر فقط برفض هذه القوانين التي ترد إلينا من بلاد الكفر، بل تشمل هذه الجملة، هذه الكلمة الحق كل شئ دخل في الإسلام، سواء كان وافداً إلينا أو نابعاً منا ما دامَ أنّهُ ليس من الإسلام في شئ، هذه النقطة بالذات هي التي يجب أن نتنبه لها، وأن لا نتحمّسْ فقط لجانبٍ هو هذه القوانين الأجنبية فقط، وَكُفرُها واضحٌ جدا، نتنبّه لهذا فقط بينما دخل الكفر في المسلمين منذ قرون طويلة وعديدة جداً والناس في غفلة من هذه الحقيقة، فضلاً عن هذه المسائل التي يعتبرونها طفيفة.
¥
نام کتاب : ملتقى أهل اللغة نویسنده : مجموعة من المؤلفين جلد : 10 صفحه : 1164