نام کتاب : ملتقى أهل اللغة نویسنده : مجموعة من المؤلفين جلد : 10 صفحه : 1106
1 ـ أسوأ مظاهر العمالة وأشنعها ما يكون ظاهراً معلناً، ولو كان يقوم على دعوى تلبية المصالح الوطنيّة، أو الدفاع عن الوطن في وجه أعدائه وعملائهم من أبنائه
2 ـ ويأتي في مثل هذه الدرجة من السوء أن يعلن بعض أبناء الوطن هويّة تتناقض مع هوّيّة وطنه، من هوّيّة بعض أعدائه، ويدعو إليها، ويسعى إلى فرضها على أبناء وطنه بما أوتي من قوّة أو نفوذ ووسائل، ومع ذلك فهو يدّعي الوطنيّة، والغيرة على الوطن والدفاع عنه.! وأيّ قيمة لدعوى تناقض بدائه الأمور ومسلّماتها.؟!
ولسنا بحاجة إلى التدليل على ذلك والتمثيلوفي واقع الأمّة المحيط بنا شواهد ماثلة صارخة، لا تخفى على ذي عينين، ولا تحتمل التأويل والتبرير ..
3 ـ ومن العمالة للأعداء أن يلتقي سلوك بعض أبناء الوطن ومواقفه مع بعض أهداف أعداء الوطن المعلنة أو الخفيّة، ولو كان هدفاً واحداً، ويكون هذا السلوك ممّا يتعارض مع حقوق الوطن ومصالحه.
فماذا يمكن أن يفسّر التقاء أهداف العلمانيّين والليبراليّين وأدعياء الوطنيّة مع أهداف المنصّرين والمستشرقين والمستعمرين في تجفيف الينابيع، ومحاصرة الدعوة والدعاة إلى الإسلام، وملاحقتهم، وسجنهم، وتشريدهم في الأرض، وتقييد العمل الخيريّ ومحاصرته بكلّ صوره وأشكاله.؟! بم يمكن أن يفسّر ذلك وأمثاله، إن لم يفسّر بالعمالة.؟! أم أنّنا بلغنا حدّاً من سذاجة العقول وسطحية الفهم أن لا نتّهم الجزّار بالذبح، وهو يستلّ مديته، ويجرّ ضحيّته.؟!
ومن حقّنا وحقّ كلّ حرّ عاقل أن يسأل: ما الذي يعصم أدعياء الوطنيّة والقوميّة عن الوقوع في شَرَك التبعيّة والتغريب، ومطبّات العمالة ومغرياتها.؟! وهم لا يملكون من الحصانة الذاتيّة، والوازع الدينيّ، والضمير الأخلاقيّ ما يمنع أو يردع .. وهم يمارسون دور العملاء والوكلاء، المؤتمنين الأوفياء ..
وإنّ بيان هذه النقطة يتّسع القول فيه اتّساع أهداف أعداء الأمّة وتنوّعها، وإذا كان لا بدّ لنا من ذكر أهمّ الأهداف الكبيرة لأعداء الأمّة التي لا تخفى على من كان له أدنى بصيرة، أو يتمتّع بقدر من الإنصاف والموضوعيّة، فإنّنا نشير إلى بعض هذه الأهداف، التي لم تعد خبراً مكتوماً، ولا سرّاً خفيّاً، ولا يماري بها إلاّ كلّ غافل ساذج، أو مكابر معاند:
ـ التبعيّة والدوران في فلك سياسات العدوّ ومصالحه، وتغييب مصالح الأمّة واستقلال قرارها، ممّا يعني فرض المزيد من التخلّف والتبعيّة عليها.
فممّا لا يخفى على عاقل أنّ الاستعمار لم يغادر بلاد المسلمين، إلاّ بعد أن رسّخ وجوده الثقافيّ، الذي يضمن به التبعيّة السياسيّة له، التي تحقّق له مصالحه على المدى القريب والبعيد، وسلّم راية الأمّة من بعده لمن صنعهم على عينه، وغذاهم بثقافته وفكره، ليسيروا في خطّه المرسوم، وطريقه المشؤوم، ويضمنوا له بذلك التبعيّة المستديمة.
ـ منذ الحروب الصليبيّة وأعداء الأمّة يرون في الإسلام العدوّ الأكبر لهم، والعقبة الكأداء في طريق السيطرة على الشعوب الإسلاميّة ونهب خيراتها، فلا عجب أن كان من أهمّ أهدافهم: إضعاف علاقة الأمّة بدينها عن طريق الغزو الفكريّ والأخلاقيّ، لتدمير بنيتها الداخليّة، ومناعتها الذاتيّة، المقاومة لمخطّطاته وأهدافه. فهل يقبل عقل أو منطق أن يتّهم بالعمالة للغرب من ينحاز إلى دينه، ويسعى إلى تحكيم شرع الله في مجتمعات المسلمين، ورفعة شأنه.؟!
ـ من أهمّ الأهداف الكبيرة لأعداء الأمّة، وهو أيضاً من وسائلهم المفضّلة: تمزيق كيان الأمّة وشقّ صفّها، وتفريق كلمتها، فاللقمة الكبيرة مهما كانت لذيذة يصعب ابتلاعها، ويشقّ التعامل معها، وربّما كانت خانقة قاتلة ..
وتلك سياسة قديمة جديدة، قد تحدّث عنها القرآن الكريم، وحذّر منها، وهي لا تزال معتمدة مأمونة، موثوقة مضمونة، تؤدّي دورها بفاعليّة كبيرة، وتؤتي ثمراتها الخبيثة في غفلة من أبناء الأمّة وخاصّتهم ..
¥
نام کتاب : ملتقى أهل اللغة نویسنده : مجموعة من المؤلفين جلد : 10 صفحه : 1106