responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : ملتقى أهل اللغة نویسنده : مجموعة من المؤلفين    جلد : 10  صفحه : 1097
ومما يُؤسَف له: أنَّه حصل -أخيرًا- زيادةُ الطِّين بِلَّةً؛ بتوجيهِ السِّهام لبعض أهل السُّنَّة تَجريحًا، وتبديعًا، وما تبع ذلك مِن تهاجُر؛ فتكرَّر الأسئلة: (ما رأيكَ في فلانٍ بدَّعه فلان؟)! و (هل أقرأُ الكتابَ الفلانيَّ لفلانٍ الذي بدَّعه فلانٌ؟)! ويقول بعضُ صِغار الطَّلبة لأمثالهم: (ما موقفكَ مِن فلانٍ الَّذي بدَّعه فلانٌ؟)! و (لا بُدَّ أن يكون لك موقفٌ منه؛ وإلا تركناك)!!!
ويَزدادُ الأمرُ سُوءًا: أن يَحصل شيءٌ مِن ذلك في بعض البلاد الأوروبيَّة -ونحوها- التي فيها الطُّلَّاب مِن أهل السُّنَّة بِضاعتُهم مُزجاةٌ، وهُم بِحاجةٍ شديدةٍ إلى تحصيل العلم النَّافع والسَّلامة من فِتنة التَّهاجُر -بسبب التَّقليد في التَّجريح-.
وهذا المَنهَج شبيهٌ بِطريقةِ الإخوان المسلمين الَّذين قال عنها مُؤسِّسُ حِزبهم: «فدَعوَتُكم أحقُّ أن يأتيَها النَّاسُ، ولا تأتي أحدًا ... ؛ إذْ هي جِماع كلِّ خيرٍ، وغيرُها لا يَسلم مِن النَّقص»!! [«مُذكرات الدَّعوة والدَّاعية»، (ص232)، ط. دار الشِّهاب، للشَّيخ حسَن البنَّا!]
وقال: «وموقِفُنا مِن الدَّعوات المختلفةِ -التي طَغتْ في هذا العَصْر ففرَّقت القُلوب، وبلبلت الأفكارَ-: أن نَزِنَها بِميزان دَعوتِنا؛ فما وافقها؛ فمرحبًا به، وما خالفها؛ فنحن براء منه»!!! [«مجموعة رسائل حسَن البنَّا»، (ص240)، ط. دار الدَّعوة، سنة1411هـ]
ومِن الخير لهؤلاء الطُّلاب -بدلًا مِن الاشتغال بهذه الفِتنةِ-: أن يَشتغلوا بقراءة الكُتب المفيدةِ لأهل السُّنَّة -لا سيَّما كتُب العُلماء المعاصِرين؛ كفتاوى شيخِنا الشَّيخ عبدِ العزيز بن باز، وفتاوى اللَّجنة الدَّائمة، ومُؤلَّفات الشَّيخ ابن عثيمين .. وغير ذلك-؛ فإنَّهم -بذلك- يُحصِّلون عِلمًا نافعًا، ويَسلَمون مِن القيل والقال وأكلِ لُحوم بعضِ إخوانِهم مِن أهل السُّنَّة.
قال ابنُ القيِّم -في «الجواب الكافي»، (ص203) -: «ومِن العَجبِ: أنَّ الإنسانَ يَهونُ عليه التَّحفُّظ والاحترازُ مِن أكل الحرامِ والظُّلم والزِّنى والسَّرقةِ وشُرب الخَمْر، ومِن النَّظر المُحرَّم، وغير ذلك؛ ويصعُب عليه التَّحفُّظُ مِن حركة لِسانه؛ حتى يُرى الرَّجل -يُشار إليه بالدِّينِ والزُّهدِ والعبادة- وهو يتكلَّم بالكلمةِ مِن سَخط اللهِ، لا يُلقي لها بالًا؛ يَنزل بالكلمة الواحدةِ منها أبعدَ مِما بين المشرقِ والمغرب! وكَم ترى مِن رجل مُتورِّعٍ عن الفواحش والظُّلم؛ ولِسانُه يَفري في أعراضِ الأحياء والأموات، ولا يُبالي ما يقول!».
وإذا وُجِد لأحدٍ مِن أهل السُّنَّة كلامٌ مُجمَلٌ وكلامٌ مُفصَّل؛ فالذي يَنبغي: إحسانُ الظَّنِّ به، وحَملُ مُجملهِ على مُفصَّله؛ لقول عُمَر t: «ولا تَظنَّنَّ بِكلمةٍ خَرجتْ مِن أخيكَ المؤمنِ إِلا خَيرًا وأنتَ تَجِدُ لها في الخيرِ مَحمَلًا» -ذكرَهُ ابنُ كثير في تَفسير سورةِ الحُجرات.
وقال شَيخُ الإسلامِ ابن تيميَّة -في «الرَّد على البَكري»، (ص324) -: «ومعلومٌ أن مُفسَّر كلامِ المتكلِّم يقضي على مُجمَلِه، وصريحَه يُقدَّم على كِنايتِه».
وقال -في «الصَّارم المسلول»، (2/ 512) -: «وأَخْذ مذاهب الفُقهاء مِن الإطلاقات -مِن غير مُراجعة لِمَا فسَّروا بِه كلامَهم وما تقتضيه أصولُهم-؛ يَجُرُّ إلى مذاهبَ قبيحةٍ».
وقال -في «الجوابِ الصَّحيح لمن بدَّل دِين المسيح»، (4/ 44) -: «فإنه يَجبُ أن يُفسَّر كلام المتكلِّم بعضه ببعضٍ، ويُؤخذ كلامُه ها هنا وها هنا، وتُعرف ما عادتُه يَعنيه ويُريده بذلك اللَّفظ إذا تكلَّم به».
والنَّاقدون والمنقودون لا عِصمةَ لهم، ولا يَسلم أحدٌ منهم مِن نقصٍ أو خطأ، والبحث عن الكمال مطلوبٌ؛ لكنْ: لا يُزهَد فيما دونه مِن الخير ويُهدَر؛ فلا يُقال: إمَّا كمال وإلا ضياع، أو: إما نُور تامٌّ، وإما ظلام! بل يُحافَظ على النُّور النَّاقص، ويُسعَى لزيادتِه، وإذا لم يَحصل سراجان أو أكثر؛ فسِراج واحد خيرٌ مِن الظلام.
¥

نام کتاب : ملتقى أهل اللغة نویسنده : مجموعة من المؤلفين    جلد : 10  صفحه : 1097
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست