responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : ملتقى أهل اللغة نویسنده : مجموعة من المؤلفين    جلد : 10  صفحه : 1098
ورَحِم الله شيخَنا الشَّيخَ عبدَ العزيز بن باز الذي وقف حياتَه للعِلم الشَّرعي -تَعلُّمًا، وعملًا، وتعليمًا، ودعوةً-، وكان مَعنِيًّا بتشجيع المَشايِخ وطلبةِ العلم على التَّعليم والدَّعوة، وقد سمعتُه يوصِي أحد المَشايِخ بذلك؛ فاعتذَر بعُذرٍ لَم يَرتَضِه الشَّيخُ؛ فقال -رحمهُ اللهُ-: «العَمشُ ولا العَمَى»؛ والمعنى: ما لا يُدرك كلُّه؛ لا يُترك بعضُه، وإذا لم يوجد البصر القويُّ ووُجد بصرٌ ضعيف -وهو العمَش-؛ فإن العمشَ خيرٌ مِن العمى.
وقد فقد شيخُنا -رحمهُ الله- بصَرَه في العشرين مِن عمُرُه، ولكن الله عوَّضه عنه نورًا في البصيرة اشتهر به -عند الخاصِّ والعامِّ-.
وقال شَيخ الإسلامِ -في «مَجموع الفَتاوَى»، (10/ 364) -: «فإذا لم يَحصل النُّور الصَّافي بأن لم يُوجَد إلا النُّور الذي ليس بصافٍ وإلا بقي النَّاس في الظُّلمة؛ فلا ينبغي أن يَعيبَ الرَّجلُ ويَنهى عن نورٍ فيه ظُلمة، إلا إذا حصل نورٌ لا ظُلمةَ فيه؛ وإلا: فكَم ممن عدل عن ذلك يخرج عن النُّور بالكليَّة».
ويُشبهُ هذا مقولةُ بعضِ النَّاس: «الحقُّ كلٌّ لا يتجزَّأ؛ فخُذوه كلَّه، أو دَعُوه كلَّه»؛ فإن أخذه كلَّه حقٌّ، وتركه كلَّه باطلٌ، ومَن كان عنده شيءٌ من الحقِّ؛ يوصَى بالإبقاء عليه، والسَّعي لتحصيل ما ليس عنده مِن الحق.
والهجرُ المحمودُ: هو ما يترتَّب عليه مصلحةٌ، وليس الذي يترتَّب عليه مفسدة.
قال شيخُ الإسلام -في» مجموع الفتاوى»، (28/ 173) -: «ولو كان كلَّما اختلف مُسلمان في شيء تَهَاجَرا؛ لم يبقَ بين المسلمين عصمة ولا أُخوَّة».
وقال -أيضًا- (28/ 206) -: «وهذا الهجرُ يختلف باختلافِ الهاجِرين -في قوَّتهم وضعفِهم، وقِلتهم وكثرتِهم-؛ فإن المقصودَ به زجر المهجور وتأديبُه، ورجوع العامَّة عن مثل حالِه، فإن كانت المصلحة في ذلك راجحةً -بحيثُ يُفضي هجرُه إلى ضعفِ الشرِّ وخِفيته؛ كان مشروعًا، وإن كان لا المهجور ولا غيره يَرتدعُ بذلك -بل يزيدُ الشرُّ-، والهاجر ضعيفٌ -بحيثُ يكون مفسدةُ ذلك راجحةً على مصلحتِه-؛ لم يُشرع الهَجرُ».
إلى أن قال: «إذا عُرف هذا: فالهِجرةُ الشَّرعيَّة هي مِن الأعمال التي أمر الله بها ورسولُه، فالطَّاعة لا بُدَّ أن تكونَ خالصةً لله، وأن تكونَ موافقةً لأمرِه؛ فتكونَ خالصةً لله صوابًا، فمَن هجر لهوى نفسِه، أو هجَر هجرًا غير مأمور به؛ كان خارجًا عن هذا، وما أكثر ما تفعل النُّفوس ما تَهواه؛ ظانَّةً أنَّها تفعلُه طاعةً لله!».
وقد ذكر أهلُ العلم: أن العالِم إذا أخطأ لا يُتابَع على خطئِه، ولا يُتبرَّأ منه، وأنَّه يُغتَفر خطؤُه في كثير صوابِه.
ومِن ذلك: قول شيخ الإسلام ابن تيميَّة -في «مجموعِ الفتاوى»، (3/ 349) -بعد كلامٍ سبق-: «ومثل هؤلاء إذا لم يَجعلوا ما ابتَدَعوه قولًا يُفارِقون به جماعةَ الإسلام، يُوالون عليه ويُعادون؛ كان مِن نوع الخطأ، والله -سُبحانه وتَعالى- يَغفر للمؤمنين خطأهم في مثل ذلك، ولهذا وقع في مثل هذا كثيرٌ من سلف الأمَّة وأئمَّتها؛ لهم مقالات قالوها باجتِهاد، وهي تخالف ما ثبت في الكتاب والسُّنَّة؛ بخلاف مَن والى مُوافِقَه، وعادَى مُخالفَه وفرَّق جماعة المُسلمين ...».
وقال الذهبي -في «سير أعلامِ النُّبلاء»، (14/ 39) -: «ولو أنَّا كلَّما أخطأ إمامٌ في اجتهاد في آحاد المسائل خطأً مغفورًا له قُمنا عليه وبدَّعناه وهجَرناه؛ لَمَا سلِم معنا لا ابنَ نَصر، ولا ابن مَندَه، ولا مَن هو أكبر منهما، واللهُ هو هادي الخَلْق إلى الحقِّ، وهو أرحمُ الرَّاحِمين، فنعوذ بالله من الهوى والفَظاظة».
وقال -أيضًا- (14/ 376) -: «ولو أن كلَّ مَن أخطأ في اجتهادِه -مع صحَّة إيمانِه، وتوخِّيه لاتِّباع الحق أهدرناه وبدَّعناه؛ لقلَّ مَن يَسلم مِن الأئمة معنا! رحم الله الجميعَ بمَنِّه وكرمِه».
¥

نام کتاب : ملتقى أهل اللغة نویسنده : مجموعة من المؤلفين    جلد : 10  صفحه : 1098
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست