نام کتاب : ملتقى أهل اللغة نویسنده : مجموعة من المؤلفين جلد : 10 صفحه : 1045
والله -تعالَى- يقول: {إنَّ اللهَ لا يَغفِرُ أن يُشرَك بهِ ويَغفِرُ ما دُونَ ذَلِكَ لمَن يَشاءُ}.
ومع ذلك:
فيكفي -يا عبدَ الله! - أن تكون تحت هذا الوعيد.
يكفي -يا عبد الله! - أن توصَف بأنك وقعتَ في بدعة، ثم أقيمتْ عليكَ الحُجَّة، ثم أصرَرتَ على مضادَّتها ومقاومتِها وعدم الرُّضوخ لها -أعني: الحجة-؛ لتظل مُعانِقًا للبدعة، ظانًّا أنَّ فيها خيرًا، وليست من الخير في شيء!
روى الإمامُ أبو داود في «السُّنن»: عن عبد الله بن عمر -رضيَ الله عنه-: أنه دَخل مسجدًا فسمعَ رجلًا -بعد إقامةِ الصَّلاة- يقول: (الصلاةَ الصلاة)! فقال ابنُ عمر لصاحبِه: «هيا بنا نخرجُ من هذا المسجد! لا نصلِّي في مسجد فيه بِدع»!
لو كان في كلمة: (الصلاةَ الصلاةَ) -في هذا المقام- خيرًا؛ لسبقَنا إليها رسول الله -عليهِ الصَّلاة والسَّلام-، وهو القائلُ عن نفسِه: «إنَّ أعلمَكم بالله: أنا، وإنَّ أتقاكم لله: أنا».
وكما قال حذيفةُ -رضيَ اللهُ عنه-: «كلُّ عبادةٍ لم يتعبَّدها أصحابُ محمَّد -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم-؛ فلا تتعبَّدوها؛ فإنَّ الأوَّل ما ترك للآخِرِ مقالًا».
«فإنَّ الأوَّل ما ترك للآخِرِ مقالًا»؛ الدِّين كامل ..
جاء رجلٌ إلى الإمام مالِك؛ قال: يا إمام! أريد أن أُحرِم للحجِّ؛ فمِن أين أُحرِم؟ قال: تُحرِمُ من حيث أحرَم رسول الله -صلَّى اللهُ عليه وسلم-، قال: يا إمام! أريد أن أُحرِم من دُويرةِ أهلي. قال: أخشَى عليكَ الفِتنة! قال: يا إمام! وأيُّ فتنةٍ في أميالٍ قليلةٍ أَزيدها؟ قال: وأي فتنة في أن تَخصَّ نفسَك بخيرٍ لم يفعلْه رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم-؟!!
انظروا هذا الإدراك؛ ما أعظمَه!
وهذا الحسَّ؛ ما أجملَه، وأوفاهُ، وأهداهُ، وأتقاه، وأنقاه!
أين هي القلوب المؤمنة الصَّافية التي تتجاوبُ مع الشَّرع الحكيم؛ استجابةً لأمرِ الله العظيم، واتِّباعًا لسُنة النَّبي الكريم-صلى اللهُ عليه وسلَّم-، الذي يقولُ في مثل ذلك ربُّنا -جلَّ وعلا-: {فَلَا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا}.
قال الإمامُ مالِك -رحمهُ اللهُ-وهو إمامُ دارِ الهجرة، إمام مدينة النبي-عليهِ الصَّلاةُ والسلام-، وتلميذُ تلاميذ الصَّحابة-؛ كان يقول: «مَن ابتدعَ بدعةً ورآها حسَنةً؛ فقد زعمَ أنَّ محمَّدًا -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- قد خان الرِّسالة، اقرؤوا قولَ اللهِ: {اليَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا}»، قال: «فمَا لم يكُنْ يومئذٍ دِينًا؛ فلن يكون اليومَ دِينًا، ولا يصلُحُ آخرُ هذه الأمَّة إلا بما صَلَح به أوَّلها».
واللهِ؛ لا صلاحَ للأمَّة بالمال والدِّرهم والدِّينار ..
واللهِ؛ لا صلاحَ للأمَّة بالنِّفط والبترول والاقتصاد ..
واللهِ؛ لا صلاحَ للأمَّة بالأحزابِ والحَرَكات والمُنظَّمات ..
والله؛ لا صلاحَ للأمَّة بالكثرةِ والتكثُّر والتَّكاثر ..
لا صلاحَ للأمَّة إلا على الكتابِ والسنَّة؛ اتِّباعًا صادقًا، وحذرًا واثِقًا:
اتِّباعًا صادقًا؛ لكتاب الله، ولسُنَّة رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم-.
وحذرًا واثِقًا؛ من الابتداع، أو قَبول الأمر فيه -ولو قلَّ- ونحن نحسبُ أنَّنا من المُحسِنين صُنعًا ..
تفريغًا من محاضرة بعنوان: «الاتباع خير من الابتداع»، من الدقيقة: (28:27). من هنا لتحميل المحاضرة (http://www.alhalaby.com/play.php?catsmktba=2692).
ـ[محمد الراضي]ــــــــ[03 - 06 - 2011, 01:52 ص]ـ
السلام عليكم.
وهذا القول -أعني: (صدق الله العظيم) -كما سبق بيانه- بِدعة في هذا الموضِع بالذات، وخير الهديِ هدي محمد -صلَّى الله عليه وسلَّم-؛ ولو كان خيرًا؛ لسبقنا إليهِ سلفنا الصالح.
هذه هي جوهر الموضوع، لو كان في الأمرِ خيرٌ لسبقنا إليهِ رسول اللهِ ـ صلى الله عليه وسلم ـ.
ـ[أم محمد]ــــــــ[05 - 06 - 2011, 01:04 ص]ـ
وقال -أيضًا-حفظه الله- في بعض فتاواه (*):
" الوصفُ بالبدعة شيءٌ، والحُكم على المتلبِّس بها شيءٌ آخر.
لذلك: يقولُ أهلُ العلمِ قاعدةً عظيمةً مَتينةً غابتْ عن فِئتَين مِن الغُلاة؛ فانحرَفوا، وخالَفوا، وغيَّروا، وبدَّلوا؛ لأنهم لم يضبِطوا هذَين الأصلَين العظيمين في أساسِ الحُكم بالبِدعة، وفي أساسِ الحُكم بالتَّكفير.
يقول أهلُ العلم: ليس كلُّ مَن وقع بالبِدعة وقعتِ البدعةُ عليه.
أو قُلْ: ليس كلُّ مَن وقع بالبدعة صار مُبتدِعًا.
مثلها في باب التَّكفير -وهو الأضلُّ سبيلًا، والأعظم تنكيلًا-: ليس كلُّ مَن وقع في الكُفر وقع الكُفر عليه.
وإن شِئتَ قُل: ليس كلُّ مَن وقع في الكُفر صار كافرًا.
لأن الحُكم بالتَّكفير العَينيِّ -أوَّلًا- ليس لأفراد العامَّة؛ بل ليس لأفرادِ طلبةِ العِلم؛ بل ليس لأفرادِ العُلماء؛ بل هو للخاصَّة منهم، مِن العُلماء الرَّبَّانيِّين الرَّاسِخين، أو مِن القُضاة المتنفِّذين.
أمَّا الغادي والرائِح -فضلًا عن المنخنقةِ والموقوذةِ والمتردِّية-؛ ممن يتنطَّحون لهذه المسألة الكُبرى -اليومَ- وهم يُسيئون -في الوقت الذي يحسبون أنَّهم يُحسِنون-؛ فلا، وألفُ لا، سواء في مسألة التَّبديع، أو في مسألة التَّكفير -وكلاهُما شرٌّ- " إلخ كلامه -حفظه الله ونفع به-.
(*) وذلك بعد محاضرة بعنوان: "شهر رجب"، بتاريخ 1رجب1432هـ، من الدقيقة (53:29)، من (هنا (http://www.alhalaby.com/play.php?catsmktba=2735)) لتحميل المحاضرة والأسئلة.
¥
نام کتاب : ملتقى أهل اللغة نویسنده : مجموعة من المؤلفين جلد : 10 صفحه : 1045