{وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَهُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِنْ يُدْخِلُ مَنْ يَشَاءُ فِي رَحْمَتِهِ وَالظَّالِمُونَ مَا لَهُمْ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ} (8)
(ولو) " الواو " للاستئناف.
(لو) حرف مبني على السكون وقع اضطراب وقصور في عبارات النحويين عن معناه:
ـــ فعبارة سيبويه: " حرف لما كان سيقع لوقوع غيره "
ـــ وعبارة أكثرهم: "حرف امتناع لامتناع " وهي أفسد العبارات كما قال في المغني.
ـــ ولابن مالك ـ رحمه الله ـ ثلاث عبارات، حسنة، وافية بالمراد:
الأولى: قوله في التسهيل: "لو حرف شرط يقتضي نفي ما يلزم لثبوته ثبوت غيره" والثانية: قوله في بعض نسخ التسهيل: "لو حرف شرط يقتضي امتناع ما يليه واستلزامه لتاليه "
والثالثة: قوله في شرح الكافية: "لو حرف يدل على امتناع تال ويلزم لثبوته ثبوت تاليه"
ـــ وعبارة ابن هشام في قواعد الإعراب: "حرف شرط في مضي يقتضي انتفاء تاليه "
ــ وقال في المغني: " فإذا قيل: لو حرف يقتضي في الماضي امتناع ما يليه واستلزامه لتاليه كان ذلك أجود العبارات"
ويتلخص من هذا أنها تفيد ــ كما قال في المغني ــ ثلاثة أمور، وهي:
1ـ الشرطية أعني عقد السببية والمسببية بين الجملتين بعدها.
2ـ تقييد الشرطية بالزمن الماضي وبهذا الوجه وما يذكر بعده فارقت "إن" فإن تلك لعقد السببية والمسببية في المستقبل ولهذا قالوا: الشرط بـ"إن" سابق على الشرط بـ"لو"
وذلك لأن الزمن المستقبل سابق على الزمن الماضي عكس ما يتوهم المبتدئون ألا ترى أنك تقول "إن جئتني غدا أكرمتك" فإذا انقضى الغد ولم يجيء قلت "لو جئتني أمس أكرمتك "
3ـ الامتناع (= الانتفاء) أي امتناع الشرط خاصة.
ولا دلالة لها على امتناع الجواب ولا على ثبوته ولكنه إن كان مساويا للشرط في العموم كما في قولك: "لو كانت الشمس طالعة كان النهار موجودا" لزم انتفاؤه لأنه يلزم من انتفاء السبب المساوي انتفاء مسببه.
وإن كان أعم كما في قولك: "لو كانت الشمس طالعة كان الضوء موجودا" فلا يلزم انتفاؤه وإنما يلزم انتفاء القدر المساوي منه للشرط. وهذا قول المحققين.
وهذا ما لخصه الزواوي في نظمه لـ" قواعد الإعراب " فقال:
لو حرف شرط في مضي شاع فيه = = هذا فيقتضي امتناع ما يليه
جوابه إن لم يكن له سبب = = خلاف شرطه امتناعه وجب
وإن يكن فغير حتم لأثر = = ورد في مدح صهيب عن عمر
قال في المغني:
"ولهذا (= لدلالة لو على الامتناع) يصح في كل موضع استعملت فيه أن تعقبه بحرف الاستدراك داخلا على فعل الشرط منفيا لفظا أو معنى تقول: "لو جاءني أكرمته لكنه لم يجيء"
ومنه قوله:
ولو أنما أسعى لأدنى معيشة = = كفاني ولم أطلب قليل من المال
ولكنما أسعى لمجد مؤثل = = وقد يدرك المجد المؤثل أمثالي
وقوله
فلو كان حمد يخلد الناس لم تمت = = ولكن حمد الناس ليس بمخلد
ومنه قوله تعالى (ولو شئنا لآتينا كل نفس هداها ولكن حق القول مني لأملأن جهنم) أي ولكن لم أشأ ذلك فحق القول مني.
وقوله تعالى (ولو أراكهم كثيرا لفشلتم ولتنازعتم في الأمر ولكن الله سلم) أي فلم يركموهم كذلك ".
وكذلك هذه الآية التي نحن بصدد إعرابها.
(شاء) فعل ماض مبني على الفتحة الظاهرة في آخره.
(الله) فاعل مرفوع بالضمة الظاهرة.
وفعل المشيئة فعل متعد لكنه إذا وقع شرطا لـ"لو" التزم العرب حذف مفعوله، لدلالة الجواب عليه، والتقدير هنا: ولو شاء الله جعلَهم أمة واحدة لجعلهم ...
وجملة (شاء الله) لا محل لها من الإعراب لأنها جملة شرط غير ظرفيّ، وجملة الشرط غير الظرفي من الجمل التي لا محل لها، ذكر ذلك "فخر الدين قباوة" في كتابه " إعراب الجمل وأشباه الجمل " ابتداء من ص 44 طبعة دار القلم العربي بحلب،
قال: [وقد أغفلها النحاة، واختلف المعربون فيها، وأكثرهم يذكرون في الأعاريب أنها لا محل لها، دون أن يجعلوا لها اسما أو اصطلاحا يميزها مما سواها من الجمل التي لا محل لها من الإعراب.
وكان أبو حيان قد تنبه إليها، غير أنه قيدها بالجمل التي " تقع بعد حروف الشرط غير العاملة نحو لولا زيد لأكرمتك، ولو جاء زيد أكرمتك "
¥
نام کتاب : ملتقى أهل اللغة نویسنده : مجموعة من المؤلفين جلد : 1 صفحه : 999