نام کتاب : ملتقى أهل اللغة نویسنده : مجموعة من المؤلفين جلد : 1 صفحه : 275
ـ[د: إبراهيم المحمدى الشناوى]ــــــــ[29 - 01 - 2014, 09:00 م]ـ
قال: ذكرت أن (بسم) ظرف لغو فما معناه؟
قلت: الجار والمجرور أو المجرور وحده لا بد له من متعلَّق هو العامل فيه فإن كان هذا العامل خاصا كالأكل والشرب والقراءة والكتابة الخ فهو (ظرفٌ لغوٌ)، وإن كان عاما كالاستقرار سُمِّىَ (ظرفا مُسْتَقَرَّا) بفتح القاف، فإن قدرت هنا: (بسم الله أكتب أو أؤلف) فالعامل خاص فيسمى المجرور هنا (ظرفا لغوا) وإنما سُمِّىَ (لَغْوًا) لأنهم أَلْغَوْهُ حيث لم يجعلوه متحملا ضميرا.
وإن جعلته عامًّا كان التقدير: (ابتدائى كائنٌ بسم الله الرحمن الرحيم) فيكون (بسم) متعلق بـ (كائن) وهو عام فيسمى الظرف هنا (ظرفا مستقَرًّا) سمى بذلك لاستقرار الضمير فيه بعد حذف عامله فهو فى الأصل (مستقَر فيه) فحذفت صلته اختصارا، أو سمى بذلك لأن عامله (الاستقرار) المحذوف والتعليل الأول اختيار الدمامينى، والثانى اختيار الشمنى تبعا للرضى.
قال: قد جوَّزْتَ فى (الرحمن) كونه عطف بيان وهذا لا يصح لأن لفظ الجلالة (الله) أعرف المعارف فلا يحتاج إلى تبيين.
قلت: بهذا اعترض السهيلى فى (نتائج الفكر) وجوابه: أن عطف البيان قد يكون لمجرد المدح كما ذكره الزمخشرى فى {الْبَيْتِ الْحَرَامِ} من قوله تعالى: {جَعَلَ اللهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ} [المائدة: 97].
قال: فهلا ذكرت لى شيئا مما يخص البسملة مما يتعلق بأصول الفقه
قلت: اعلم أن الأحكام التكليفية خمسة: الواجب والمندوب والمباح والمكروه والحرام والبسملة تعتريها هذه الأحكام الخمسة فتكون:
1 - واجبة: فى الصلاة لأنها آية من الفاتحة عندنا (الشافعية).
2 - مندوبة: فى كل أمر ذى بال أى: حال بحيث يُهْتَمُّ به شرعا.
3 - مكروهة: تكره على المكروه لذاته كالنظر إلى فرج زوجته.
4 - حرام: تَحْرُمُ على المحرم لذاته كشرب الخمر.
5 - الإباحة: قيل: إنها تباح فى المباحات التى لا شرف فيها كنقل متاع من مكان لآخر.
قال: حسنا، فأخبرنى ألست ترى أن البداءة فى قولنا: (بسم الله) بلفظ: (باسم) لا بلفظ الجلالة: (الله) وكان ينبغى أن تكون البداءة به؟
قلت: ليس الأمر على ما زعمت.
قال: وكيف ذلك؟
قلت: اعلم أن كل حكم ورد على لفظ (اسم) فهو فى الحقيقة على مدلوله إلا بقرينة.
قال: لم أفهم شيئا.
قلت: إذا قلت: (ذكرت اسم زيد) فليس معناه أنك ذكرتَ لفظ (اسم) بل لفظ (زيد)؛ لأنه مدلول (اسم زيد)؛ إذ مدلوله اللفظ الدال عليه وهو لفظ (زيد)
قال: فلِمَ لا يقال: بالله أبتدئ أو أكتب الخ فتكون البداءة بلفظ الجلالة دون الوقوع في الإشكال السابق؟
قلت: لا إشكال بعد الذى ذكرته لك
قال: نعم لا إشكال، ولكن ما ذكرته أمر خفى لا يعلمه الكثير فيظل الأمر عند من لا يعلمه على الإشكال السابق: وهو أن البدء ليس بلفظ الجلالة بل بلفظ اسم، أما لو قيل من أول الأمر: بالله أبتدئ أو ابتدائى لم يكن فيه هذا الإشكال.
قلت: بل فيه إشكال أكبر.
قال: وما هو؟
قلت: لو قيل: (بالله ابتدائى أو أبتدئ) لم يُعْرَفْ هل يريد بقوله (بالله) القَسَم بالله على فعله الذى يبتدؤه؟ أو أنه يتلفظ بلفظ الجلالة متبركا به ومستعينا، فيوقع فى لَبْسٍ هل الباء فى قوله: (بالله) للقَسَم أو للاستعانة؟ فكان المجئ بلفظ (اسم) فيه حل هذا الإشكال مع ما ذكرته سابقا من أن كل حكم ورد على لفظ (اسم) يكون على مدلوله إلا بقرينة
قال: فالمجئ بلفظ (اسم) هنا للفرق بين اليمين والتَّيَمُّنِ.
قلت: نعم، أحسنت، وفيه نكتة أخرى.
قال: وما هى؟
قلت: جئ بلفظ (اسم) هنا ليدل على أن التبرك والاستعانة بجميع أسمائه تعالى.
قال: وكيف ذلك؟
قلت: لفظ (اسم) مفرد مضاف فيعم جميع أسمائه تعالى.
قال: مِنْ أين لك أن المفرد المضاف يَعُمُّ؟
قلت: أخذه العلماء من مثل قوله تعالى: {هَذَا كِتَابُنَا يَنْطِقُ عَلَيْكُمْ بِالْحَقِّ} فـ {كِتَاب} لفظ مفرد وهو مضاف إلى الضمير {نَا} والمراد جميع الكتب التي أحصيت فيها أعمالهم.
ومنه قوله تعالى: {وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ} وفى قراءة {وكتابه} بالإفراد والشاهد فى قراءة الإفراد حيث أضاف (كِتَاب) وهو لفظ مفرد إلى ضمير الغائب (الهاء) فأفاد العموم فصار معناه: (وصدقت بجميع كتبه) بدليل القراءة الأخرى {وَكُتُبِهِ}.
قال: أنْظِرْنى ولا تعجلنى، ألست تعلم قوله صلى الله عليه وسلم: "صَلَاةٌ فِي مَسْجِدِي هَذَا أَفْضَلُ مِنْ أَلْفِ صَلَاةٍ فِيمَا سِوَاهُ إِلَّا مَسْجِدَ الْكَعْبَةِ".؟ [صحيح رواه مسلم وغيره]
قلت: بلى
قال: فقوله: " مَسْجِدَ الْكَعْبَةِ " مفرد مضاف وهو لا يعم.
قلت: ولِمَ؟
قال: لأن المراد بـ (مسجد الكعبة) المسجد الحرام فقط.
قلت: من أين لك أن المراد بـ (مسجد الكعبة) المسجد الحرام فقط؟
قال: فهل الكعبة فى مسجد آخر غيره؟!
قلت: هذا الذى قلتَه إنما جاءك بسبب سوء الفهم.
قال: وكيف ذلك؟
قلت: اعلم أن (الكعبة) تطلق ويراد بها مكة كما قال تعالى: {هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ} [المائدة: 95] فالمراد – والله أعلم بمراده – دخول منطقة الحرم لا أن الهَدْىَ يدخل المسجد الحرام حتى يبلغ الكعبة.
قال: سَلَّمْنَا أن (الكعبة) تطلق ويراد بها مكة فكان ماذا؟
قلت: كان ما يأتى: وهو أن قوله صلى الله عليه وسلم:" مسجد الكعبة " صار معناه (مسجد مكة) فـ (مسجد) مفرد مضاف إلى كلمة (مكة) ولما كان المفرد المضاف يعم أخذ العلماء منه أن مساجد مكة كلها التى بداخل الحرم تكون الصلاة فيها بمائة ألف صلاة.
قال: فهذه فائدة أصولية أخرى وهى أن المفرد المضاف يعم
قلت: نعم.
------------------------------------
[1] العامل هو: أكتب أو أؤلف
[2] إعراب الآجرومية للشيخ خالد الأزهرى المسمى (بشرى طلاب العربية بإعراب الآجرومية) 22 ت. عبد الرحمن بن عبد القادر ط. دار ابن حزم.
[3] نتائج الفكر للسهيلى 42 ت. عادل عبد الموجود وعلى معوض ط. دار الكتب العلمية
[4] الرسالة الكبرى فى البسملة للصبان 121.
[5] حاشية البيجورى على شرح ابن قاسم على متن أبى شجاع 1/ 6 ط. دار الطباعة العامرة ببولاق- مصر.
¥
نام کتاب : ملتقى أهل اللغة نویسنده : مجموعة من المؤلفين جلد : 1 صفحه : 275