نام کتاب : ملتقى أهل اللغة نویسنده : مجموعة من المؤلفين جلد : 1 صفحه : 1924
ويُسمّى تنوينَ العِوَضِ بإضافةٍ بيانيةٍ أي: تنوينٌ هو العوضُ، وهو ثلاثةُ أنواعٍ:
أ - عوضٌ عن حرفٍ: كـ (جوارٍ) و (غواشٍ)، وهو اللاحقُ لكلّ اسمٍ ممنوعٍ من الصرفِ منقوصٍ على صيغةِ منتهى الجموعِ، ولا يكونُ واوياً، وهو عوضٌ عن حرفٍ في الرفعِ والجرّ وهو مذهبُ سيبويهِ والجمهورِ، فالتنوينُ فيه عِوَضٌ عن الياءِ المحذوفةِ، وليسَ التنوينُ هنا تنوينَ صرفٍ، لأنه ممنوعٌ من الصرفِ، وليس بتنوينِ تنكيرٍ، لأنّ تنوينَ التنكيرِ محصورٌ في بابينِ اثنينِ فقطْ، وليس بتنوينِ مقابلةٍ، لأنّه خاصٌ بجمعِ المؤنثِ السالمِ.
ب - عِوَضٌ عن جملةٍ: وهو التنوينُ اللاحقُ لـ (إذْ)، و (إذْ) ملازمةٌ للإضافةِ إلى الجملِ، قال ابنُ مالكٍ: وألزموا إضافةً إلى الجملْ ... حيثُ وإذْ .....
فعند حذفِ الجملةِ يعوَّضُ عنها بالتنوينِ، والمشهورُ أنه لاحقٌ لـ (إذْ) وحُمِلَ عليه (إذا) و (أيٌّ) في نحو: يومئذٍ، وحينئذٍ، ومنه ((وأنتم حينئذٍ تنظرونَ)) أي: وأنتم حينئذ بلغتِ الروحُ الحلقومَ تنظرونَ، فحُذِفتِ الجملةُ للاختصارِ، ومعرفةُ الاختصارِ مهمٌ، يقولُ السيوطيُّ في الأشباهِ والنظائرِ: أولُ قاعدةٍ ينبغي أن يُعْتَنى بها هي قاعدةُ الاختصارِ، فإذا أمكنَ عدمُ إعادةِ ما سبقَ فالأولى حذفُه عندهم إلا لقرينةٍ.
ومنه قوله تعالى ((إذا زلزلتِ الأرضُ زلزالها () وأخرجتِ الأرضُ أثقالها () وقال الإنسانُ ما لها () يومئذٍ تحدثُ أخبارَها)) أي: يومئذ زلزلتِ الأرضُ أثقالها .. وما عُطِفَ عليه، وهذا تعويضٌ عن جُمَلٍ.
ومثالُ: (إذا) قولُه ((وإذاً لآتيناهم من لدنا ..)) و ((إذاً لأمسكتُم ..))، وتقولُ لمن قال لك: ((غداً آتيكَ إذن أكرمُك)) أي: إذا أتيتني أكرمُك، أصلُها: إذان، فالتقى ساكنانِ الألفُ والنونُ، والألفُ غيرُ قابلةٍ للتحريكِ فلا بدّ من حذفِ أحدِهما، فأيُّهما أولى بالحذفِ؟ القاعدةُ: ((إذا دارَ الحذفُ بينَ حرفِ مبنى وحرفِ معنى، فحذفُ حرفِ المبنى مقدمٌ))، لأنه لو حُذِفَ حرفُ المعنى لمّا دلّ عليه شيءٌ، وأما حذفُ حرفِ المبنى فيدلُّ عليه اللفظُ باعتبارِ أصلِه.
فائدةٌ: وليستْ (إذاً) هذه الناصبةَ للمضارعِ، لأنّ تلك تختصُّ به، وهذه لا تختصُّ به، ومنه ((إذاً لآتيناهم ..)) و ((إذاً لأمسكتم ..)).
ج – عِوَضٌ عن كلمةٍ: وهذا خاصٌّ ببعضِ الكلماتِ التي التزمتِ الإضافةَ إلى المفردِ مثل (كلّ) و (بعضٍ) ومنه ((وكلَّ إنسانٍ ألزمناه طائرَه في عنقِه)) وقد يُحذفُ هذا المفردُ المضافُ إليه ويُعَوَّضُ عنه بالتنوينِ ((قل كلٌ يعملُ على شاكلتِه)) ((وكلاً ضربنا له الأمثالَ وكلاً تبرنا تتبيرا)) وكذلك (بعض) ملازمٌ للإضافةِ ((تلك الرسلُ فضلنا بعضَهم على بعضٍ)) والأصلُ: على بعضِهم.
وقلّ تنوينُهما تنوينَ تمكينٍ لأنّ مدخولَهما معربٌ منصرفٌ، ومثلُها (أيٌّ)، وقد جوَّز الرضيُّ أن يكون التنوينُ له اعتبارينِ فباعتبارٍ تمكينٌ، وباعتبارٍ عوضٌ عن مضافٍ إليه، ومنعه الكثيرُ، لأنّ التنوينَ له معنىً خاصٌّ لا يُستعملُ في غيرِه.
5 - تنوينُ المقابلةِ: من إضافةِ المسَبَّبِ إلى السببِ، وهو اللاحقُ لجمعِ المؤنثِ السالمِ، وهذا بعضُهم أنكره من أصلِه، لأنّ جمعَ المؤنثِ السالمِ معربٌ منصرفٌ، لكن لمّا وُجِدت بعضُ العللِ التي لا يمكنُ إلحاقُ هذا التنوينِ بالتمكينِ والتعويضِ والتنكيرِ أنشأ له النحاةُ نوعاً خاصاً من بابِ طردِ الأصولِ فحسبُ.
سمّي بذلك لأنه في مقابلةِ النونِ في جمعِ المذكرِ السالمِ كـ (مسلمينَ) و (مسلمونَ)، أصلُه: مسلمٌ فلما جُمِعَ جمعَ مذكرٍ سالمٍ سُلِبَ هذا التنوينُ الدالُّ على تمكنِه في بابِ الإعرابِ ثم عُوِّضَ عن هذا التنوينِ بالنونِ، فقيل: مسلمونَ، وقيل: للدلالةِ على كمالِ الاسمِ دفعاً لتوهم إضافةٍ ونحوِ ذلك، قال الشيخُ: والثاني أولى وسيأتي في محلِّه.
فقالوا: كذلك (هندٌ) نجمعُه على (هنداتٍ)، فهذا التنوينُ يدلّ على أن الاسمَ قبلَ الجمعِ منوَّنٌ، فلما لم يمكنْ طردُ هذا التنوينِ في كلّ بابٍ قيل أنه في مقابلةِ النونِ من جمعِ المذكرِ السالمِ، وليس هو بتنوينِ الصرفِ لأنه لاحقٌ لما سُمّيَ به كـ (أذرعاتٍ)، ومنه ((فإذا أفضتم من عرفاتٍ)) فـ (عرفاتٍ) ممنوعٌ من الصرفِ للعلميةِ والتأنيثِ، ومع ذلك نُوِّنَ.
ولا يمكنُ أن يكونَ تنوينَ تنكيرٍ، لأنّه لا يكونُ إلا في بابينِ، وهذا ليس منهما.
ولا يمكنُ أن يكونَ تنوينَ عوضٍ، لأنه غيرُ ملازمٍ للإضافةِ حتى نقولَ حُذِفَ منه كلمةٌ أو جملةٌ أو حرفٌ.
وقيل: إنه عِوَضٌ عن الفتحةِ نصباً، ورُدَّ هذا القولُ بأنه عُوِّضَ بالكسرةِ.
- هذه الأنواعُ الأربعةُ من التنوينِ باتفاقٍ أنها من خواصِّ الاسمِ، وأما الغالي والترنمُ فباتفاقٍ أنها ليستْ من خواصّ الاسمِ، وما عدا هذه الأنواعِ الأربعةِ فهو قليلٌ ونادرٌ، لأنّ بعضَهم أوصلَ أنواعَه إلى العشرةِ:
أقسامُ تنوينهم عَشْرٌ عليك بها ... فإنّ تحصيلَها من خيرِ ما حُرِسا
مَكِّنْ وعَوِّضْ قابلْ والمنكّرِ زدْ ... رنِّمْ أو احكِ واضطرِ الغالي وما هُمِزا
فما عدا الترنمِ والغالي من خواصّ الأسماءِ، لكن لندرةِ ما سوى الأربعةِ المشهورةِ لم تذكر كتنوينِ المهموز، حكى أبو زيدٍ ((هؤلاءٍ قومُك)).
¥
نام کتاب : ملتقى أهل اللغة نویسنده : مجموعة من المؤلفين جلد : 1 صفحه : 1924