نام کتاب : ملتقى أهل اللغة نویسنده : مجموعة من المؤلفين جلد : 1 صفحه : 1475
وعلى هذا تدرك – أيضاً - سر مجيء " م " فوق كلمة " قولهم " في المصاحف , إشارة إلى الوقف التام. والوقف التام هو: الوقف على ما تم معناه , ولا تعلق له بما بعده , لا لفظاً ولا معنى.
ومثل هذه الآية قوله , عز وجل:
{فلا يحزنك قولهم. إنا نعلم ما يسرون , وما يعلنون} (يس 76)
ـ[أنس آغا]ــــــــ[07 - 09 - 2010, 02:09 ص]ـ
تنبه , وأنت تعرب كلام الله (11)
قال الله , سبحانه:
{قالوا تالله تفتأ تذكر يوسف حتى تكون حرضاً ...} (يوسف 85)
قد يتسرع أحدنا , وهو تمر به هذه الآية , فيظن أن الفعل " تفتأ " مثبت غير منفي. وهذا وهَم. وذلك لأمرين:
أولهما: أن " تفتأ " من الأفعال الناقصة التي تلازم النفيَ أو شبهَه. فلا يجوز أن تقول: برح زيد يحب العلم. وسبب ملازمتها للنفي أن معنى هذه الأفعال النفي , فمعنى: برح , وزال , وفتئ , وانفك , تركُ الشيء والانفكاكُ عنه وعدمُ فعله. فإذا ما سُبِقت بالنفي انقلب نفيُها إثباتاً , لأن نفيَ النفي إثباتٌ. كما هو مقرر. وعلى هذا يصير معناها: عدمُ الترك وعدمُ الانفكاك. ولو لم تذهب إلى أنّه منفي صار المعنى: أن يعقوب يترك ذكر يوسف – عليهما السلام - وينساه , مع أنه كان ملازماً لذكره لا يغيب عن خاطره.
ثانيهما: مما تقرر في قواعد العربية أنّ الفعلَ المضارعَ المسبوق بقسَم إذا كان مثبتاً , دالاً على الاستقبال , غيرَ مفصول من القسَم بفاصل , وجب أن يُؤكد بالنون. وههنا الفعل " تفتأ " تحققت فيه كل الشروط , فهو مثبت – هذا في الظاهر فقط - غيرُ منفي , ودالٌّ على الاستقبال , وغيرُ مفصول مِن القسم قبله بفاصل. فكان يجب أن يكون هكذا: تفتأنَّ , أو: تفتأنْ.
هذا هو وجه الغلط في هذا القول. لذا فالصواب أنَّ الفعلَ " تفتأ منفيٌّ , وحرفَ النفي قبله محذوفٌ. وتقدير الكلام: تالله , لا تفتأُ تذكر يوسف ...
وحذف حرف النفي قبل المضارع المسبوقِ بالقسَم مَقيسٌ. وقد ورد عليه قولُ امرئ القيس:
فقلتُ: يمينَ الله , أبرح قاعداً ولو قطَّعوا رأسي , لديك , وأوشالي
ـ[أنس آغا]ــــــــ[15 - 09 - 2010, 11:57 م]ـ
تنبه , وأنت تعرب كلام الله (12)
{إنَّ اللهَ لا يظلِم مثقالَ ذرةٍ , وإن تكُ حسنةً يضاعفْها ...} (النساء 40)
قد يتسرع أحدنا , فيظن أن " مثقال " مفعول به منصوب للفعل " يظلم " , فيفسد التركيب من حيث لا يدري , إذ من البدهيات في تعريف المفعول به أنه: ما وقع عليه فعل الفاعل. وعلى هذا الوهَمِ يكون الظلم واقعاً على المثقال , أي: أن المثقال مظلوم!
لذا كان لا بد لنا من تروٍّ واستقراء لأبواب المنصوبات , ليتبين لنا باليقين أن " مثقال " مفعول مطلق نائب عن مصدر " يظلم ". والأصل: إن الله لا يظلم أحداً ظلماً مثقال ذرة , فحذف " ظلم " وحل " مثقال " محَلَّه. أما المفعول به فهو محذوف , وتقديره " أحداً ". كما بينا.
ويمكن أن تجعل " مثقال " مفعولاً به , لكن لا على ما زعمه الزاعم , بل على أن يكون مفعولاً به ثانياً , والأول محذوف – كما بينا – وتقديره " أحداً ". وذلك بتضمين " يظلم " معنى " ينقُص " و " يغصِب " ونحوِهما , مما يتعدى إلى مفعولين ليس أصلهما المبتدأ والخبر.
ـ[أنس آغا]ــــــــ[01 - 10 - 2010, 11:48 م]ـ
تنبه , وأنت تعرب كلام الله (13)
{إنما ذلكم الشيطان يخوف أولياءه. فلا تخافوهم , وخافون إن كنتم مؤمنين} (آل عمران 175)
ذهب بعض أهل العلم , كالحسن البصري والسُّدِّيِّ , إلى أنَّ المرادَ بقَوله: " يخوف أولياءه ": " يخوِّفُ أولياءَه المنافقين , ليقعُدوا عن قتال المشركين "
وذهب غيرهم إلى أنّ المراد: " يخوفكم أولياءه ". والذي أراه أن التخريج الثانيَ أصحُّ , إن لم يكن هو الصحيحَ المتعيِّنَ. وذلك لوجهين:
الأول: ما ذكره ابن جني في المحتسب أنّ ابنَ عباس وعكرمةَ وعطاءً قرؤوا:
" يخوفكم أولياءه " , ثم قال: في هذه القراءة دلالةٌ على إرادةِ المفعول في "يخوف" وحذفِه في قراءة أكثر الناس اهـ1. فتكون هذه القراءة , على هذا , مفسرةً لقراءة الجماعة. كما ذكر الثعالبيّ في تفسيره 2. والقراءاتُ يفسر بعضُها بعضاً. كما هو معروف.
الثاني: على قول الحسن والسدي لا يكون هناك مناسبة بين هذه الآية , وقوله بعد: " فلا تخافوهم وخافون ". أما على تخريج غيرِهما فلا إشكال , لأن الفاء في " فلا تخافوهم " فاء النتيجة. أي:كونُ الكفار أولياء الشيطان يَنتُجُ عنه ألا تخافوهم وتخافون , لأنكم مؤمنون. فتتم بهذا المناسبةُ , وينتهي الإشكال.
لذا فلعل الأصوب أنْ يكون " أولياءه " مفعولاً به ثانياً للفعل " يخوِّف " , والأولُ محذوفٌ. والتقدير: يخوفكم أولياءه3 , لأنه كان قبل التضعيف متعدياً إلى واحد , فلما ضُعِّف تعدى إلى اثنين.
فالمخوَّف هنا المؤمنون لا أولياءُ الشيطان , بل هم أداة لتخويف المؤمنين.
أما عن سبب حذف المفعول الأول فقد قال البقاعي في " نظم الدرر في تناسب الآيات والسور ": " يخوف " أي: يخوفكم " أولياءه ". لكنه أسقط المفعول الأولَ إشارة إلى أن تخويفَه يَؤُول إلى خوف أوليائه , لأن أولياء الرحمان إذا ثبَتوا لأجله أنجز لهم ما وعدهم , من النُّصرة على أولياء الشيطان , وإلى أنّ من خاف من تخويفه , وعمل بموجب خوفه , ففيه ولاية له تصحِّح إضافتَه إليه , قلّت أو كثرت اهـ 4
1 - المحتسب 1/ 177 , وانظر المحرر الوجيز لابن عطية 1/ 544
2 - انظر الجواهر الحسان في تفسير القرآن , للثعالبي 2/ 141
3 - ذهب الفراء إلى أن الثاني على إسقاط الباء , أي: يخوفكم بأوليائه. وذهب الزجاج على أنه على إسقاط " من " , أي: يخوفكم من أوليائه. كما ذكر ابن الجوزي في زاد المسير 1/ 506 , 507
4 - 5/ 132
¥
نام کتاب : ملتقى أهل اللغة نویسنده : مجموعة من المؤلفين جلد : 1 صفحه : 1475