responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : ملتقى أهل اللغة نویسنده : مجموعة من المؤلفين    جلد : 1  صفحه : 1218
من تعني بالمتأخرين الذين لاعبرة بهم؟ أليس من جاء يتهم ابن مالك اليوم بوضع الشعر في عداد المتأخرين؟ أم أن الزمن قد عاد بهم إلى الوراء فكانوا في عهد ابن سلام الجمحي، والمفضل الضبي، والأصمعي، وابن قتيبة الدينوري؟ ثم إنك قد أنكرت أن يكون الباحث اعتمد في إثبات نظريته على مجرد الذوق الأدبي فحسب، فما هو العلم بالشعر الذي تزعمه؟ هل تلقاه بالرواية والمشافهة؟ إن لم يكن قد اعتمد على ذوقه الأدبي، ليس تعصبا لابن مالك رحمه الله فهو بشر، ولكن إثبات مثل هذا الأمر في حق هذا الإمام الذي كان كل من جاء بعده عيال عليه وعلى مؤلفاته في العربية يحتاج إلى براهين مقنعة.

ـ[صالح العَمْري]ــــــــ[13 - 05 - 2013, 12:22 ص]ـ
أخي الكريم إبراهيم مطر، وفقك الله لكل خير.
أما قولي: "إن المتأخرين من أجهل الناس بشعر العرب" فهذا خارج مخرج التغليب، وليس المقصود العموم، وما زال العلماء يستعملون مثل هذه الألفاظ ويريدون بها التغليب.
وليس المعنى أن من كان عالما بالشعر في زماننا قد عاد به الزمن إلى الوراء -كما تقول- فأصبح في زمن المفضل والأصمعي وأبي عبيدة وأشباههم، بل هو من المتأخرين زمنا لكنه لا يعيبه تأخره إذا كان على علم بما كان عليه الأولون، فهو ممن تأخر زمنه لكنه عاش بعلمه مع أولئك الأولين.
فأنا أردت أن الجهل بشعر العرب قد فشا في المتأخرين، لا أنهم كلهم على هذه الصفة، فلذلك يُحذر مما يأتون به ولا يُغتر بكثرة المطبقين منهم على الخطأ، وخذ اليوم شروح المعاصرين وتحقيقاتهم لدواوين الشعراء الجاهليين والمخضرمين والأمويين لترى العجب، وقد أشرتُ إلى شيء من ذلك في بعض أحاديثي في الملتقى.
وأما قولك: ما العلم بالشعر؟
فهذا هو موطن الخلاف بيننا، فأنت تنكر أن يوجد هذا العلم، العلم بالشعر، وأن يوجد العالم بالشعر.
فهذا علم عظيم واسع، متباعدة أرجاؤه، يضل فيه الرجل الخرِّيت، ويعيا به النطِّيس، وأنت تنكر وجوده أصلا.
وأنا ضارب لك مثالا تعلم به وجود هذا العلم، فإذا لم نتفق على وجود هذا العلم فكيف نتفق على صنع ابن مالك لهذه الأبيات؟!
يقول الحطيئة:
لعمرك ما قُراد بني رياح * إذا نُزع القُراد بمستطاعِ
اسأل أهل علوم العربية عن معنى هذا البيت، إلا أن يكون فيهم رجل له علم بشعر العرب الأول.
إن سألت النحوي لم يزد على أن يعرب لك البيت، ويخبرك أن هذا منصوب وذاك مرفوع.
وإن سألت اللغوي لم يجد فيه شيئا من الغريب، إلا أن يخبرك أن القراد كذا وكذا.
وإن سألت الصرفي لم تحظ منه بطائل، والعروضي مثله.
فلا بد إذا من علم زائد على هذه العلوم، يُفهم به مثل هذا، ويُحصَّل به معناه.
ولو عمد أحد إلى ظاهر البيت وأراد استخراج المعنى منه وهو جاهل بشعر العرب لأتى بما يُضحك الناس منه، وربما قال: المعنى أن الناس لا يستطيعون أن ينزعوا القِردان من إبل بني رياح.
وهذا شيء مضحك، وقد رأينا كثيرا من المتأخرين يقعون في أشباه هذا، فأي مدح لبني رياح في هذا التفسير المعوج؟!
فلا بد إذا من العلم بمذاهب العرب في شعرها، والمعرفة بنعوتهم، وما يمدحون وما يذمون، وأي شيء يستحسنون في الرجل وأي شيء يستقبحون، وفي المرأة مثل ذلك، وقل مثله في الخيل والإبل، وفي السيف والرمح والدرع، وبأي شيء شبهوا الرجل الكريم والبخيل، والشجاع والجبان، والطويل والقصير، وغير ذلك أمور كثيرة جدا.
فهذا علم واسع جدا، تضطرب فيه الأفهام، وتزل فيه الأقدام، وهو أوسع من علم النحو، وأبعد منه غورا، وأنأى منه غاية.
قال ابن قتيبة في معنى بيت الحطيئة: "أي لا يُقدر على استذلالهم، وأصل ذلك أن يجيء الرجل بالخطام إلى البعير الصعب قد شرد منه، لئلا يمتنع، ثم ينتزع قرادا من البعير حتى يستأنس به، ويدني رأسه، ثم يرمي بالخطام في عنقه، أراد أنهم لا يُخدعون"
وقال العلماء بنحو قول ابن قتيبة هذا، فهذا الذي قاله ابن قتيبة، صنفه لي في علم من العلوم، أتراه يستفاد من النحو، أم يستفاد من معرفة ألفاظ اللغة، أم يتحصل بالصرف والعروض وغير ذلك من علوم العربية؟
بل هذا علم قائم وحده، وهو من أوسع العلوم، وأكثرها شعبا, وأفسحها مسرحا.
ولو أردنا التوسع في هذا لطال بنا القول جدا، وإنما أردت الإشارة واللمحة، شاكرا لكم متابعتكم للحديث، ومباحثتكم والمدارسة، وأرجو أن نستفيد منكم، وأن تتسع صدوركم لنا، ودمتم بخير.

ـ[ابن أيمن الصرفي]ــــــــ[13 - 05 - 2013, 02:57 م]ـ
شكراََ للشيخ:صالح العَمْري، والأخ إبراهيم مطر،وبعد.
ألا يمكن أن نقول: إن قول القائلين بانتحال ابن مالك لهذه الأبيات لم يأت في أول الأمر عن طريق قوَّة ذوقهم للشعر،وإنما أتى من خلال بحثهم شواهد ابن مالك من بطون الكتب أوَّلا ومن الشبكة ثانيا،فلما لم يعثروا على هذه الأبيات لا من الشبكة ولا من الكتب اجترءُوا على أن يقولوا إنها موضوعة، ولما نوزعوا في هذا وكثر عليهم الرّد والاعتراض قالوا: إن الذوق السليم يقطع بوضعها.
¥

نام کتاب : ملتقى أهل اللغة نویسنده : مجموعة من المؤلفين    جلد : 1  صفحه : 1218
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست