responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : ملتقى أهل اللغة نویسنده : مجموعة من المؤلفين    جلد : 1  صفحه : 1217
ومن قال هذا فقد أعظم الفرية، ليست معرفة المنحول من الشعر قائمة على الذوق كما يسمونه، بل هي قائمة على العلم، على العلم بالشعر، فالعالم بالشعر يعرف صحيحه ومنحوله كما يعرف الرجل أولاده وإخوانه، والشيخ الأديب فيصل المنصور من أهل العلم بالشعر، وقبله نعيم البدري أحسبه كذلك وإن كنت لا أعرفه، فإنه أول من صدع بهذا وجهر به، وله فضل السبق والتقدم.
وكل من له علم بالشعر يعلم علما يقينيا ليس معه شك ولا ريب أن كثيرا من هذه الأبيات لا يجوز أن يقولها رجل ممن يحتج بشعرهم، وأنها منحولة مصنوعة مدسوسة، فهذا أمر لا يشك فيه من له علم ومعرفة بشعر العرب، أما من الذي وضعها فهذا أمر آخر زائد يحتاج إلى قرائن أخرى، فالذي رأيناه من القرائن والبراهين التي وضعها الشيخ منصور أن ابن مالك هو متولي كبرها، وأبو عذرها، ومقتضب حلوها ومرها.
والقول بأن معرفة الجيد من الشعر وتمييزه من الرديء، ومعرفة الصحيح وتمييزه من المنحول، راجعة إلى الذوق لا يقوله أحد شم رائحة العلم بالشعر، ولا أحد طرق يوما من الدهر بابه، أو أوضع في ركابه، وإنما هو قول من لا يدري ما الشعر، وهو كثير فاش جدا في المتأخرين، بل لا تكاد تجد أحدا يسلم منه. والمتأخرون لا عبرة بهم فإنهم أجهل الناس بشعر العرب، وإنما يسمعون به سماعا، ولم يعرفوا شيئا من حقيقته.
وأين الذي يقول هذا القول الباطل من قول ابن سلام البصري الإمام: "وللشعر صناعة وثقافة يعرفها أهل العلم، كسائر أصناف العلم والصناعات: منها ما تثقفه العين، ومنها ما تثقفه الأذن، ومنها ما تثقفه اليد، ومنها ما يثقفه اللسان.
من ذلك اللؤلؤ والياقوت، لا تعرفه بصفة ولا وزن، دون المعاينة ممن يبصره.
ومن ذلك الجهبذة بالدينار والدرهم، لا تعرف جودتها بلون ولا مس ولا طراز ولا وسم ولا صفة، ويعرفه الناقد عند المعاينة، فيعرف بهرجها وزائفها وستوقها ومفرغها.
ومنه البصر بغريب النخل، والبصر بأنواع المتاع وضروبه واختلاف بلاده، مع تشابه لونه ومسه وذرعه، حتى يضاف كل صنف إلى بلده الذي خرج منه.
وكذلك بصر الرقيق، فتوصف الجارية فيقال: ناصعة اللون، جيدة الشطب، نقية الثغر، حسنة العين والأنف، ظريفة اللسان، واردة الشعر، فتكون في هذه الصفة بمائة دينار وبمائتي دينار، وتكون أخرى بألف دينار وأكثر، ولا يجد واصفها مزيداً على هذه الصفة.
وتوصف الدابة فيقال: خفيف العنان، لين الظهر، شديد الحافر فتى السن، نقى من العيوب، فيكون بخمسين دينار أو نحوها، وتكون أخرى بمائتي دينار وأكثر، وتكون هذه صفتها.
ويقال للرجل والمرأة، في القراءة والغناء: إنه لندى الحلق، طل الصوت، طويل النفس مصيب للحن ويوصف الآخر بهذه الصفة، وبينهما بون بعيد، يعرف ذلك العلماء عند المعاينة والاستماع له، بلا صفة ينتهي إليها، ولا علم يوقف عليه. وإن كثرة المدارسة لتعدي علي العلم به. فكذلك الشعر يعلمه أهل العلم به."
فالمقصود أن المرجع في ذلك يكون إلى أهل العلم بالشعر، فإذا عُرف عن إنسان أنه عالم بشعر العرب أُخذ بحكمه في هذا، وإن خالف قولَ ابن هشام وابن عقيل والسيوطي وغيرهم، فإذا وافقه جماعة غيره ممن عُرف بالعلم في الشعر كان قول هؤلاء العالمِينَ بالشعر قولا واجب القبول عند أهل الإنصاف، ولا ينازِع أهل الصنعة في صنعتهم إلا مكابر.
وليس مردّ هذا إلى العلم بالنحو والصرف والعروض، فكم رأينا من نحوي حاذق لا يقيم البيت إذا أنشده، وعروضي بارع لا يعرف من الشعر إلا أوزانه، وهذا شيء معروف بالمعاينة والمشاهدة لا ينكره إلا معاند.
وأسأل الله لكم التوفيق.

ـ[إبراهيم مطر]ــــــــ[12 - 05 - 2013, 11:10 م]ـ
قد قلت: ((والمتأخرون لا عبرة بهم فإنهم أجهل الناس بشعر العرب، وإنما يسمعون به سماعا، ولم يعرفوا شيئا من حقيقته)).
¥

نام کتاب : ملتقى أهل اللغة نویسنده : مجموعة من المؤلفين    جلد : 1  صفحه : 1217
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست