responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : ملتقى أهل اللغة نویسنده : مجموعة من المؤلفين    جلد : 1  صفحه : 1219
ـ[صالح العَمْري]ــــــــ[13 - 05 - 2013, 04:08 م]ـ
أخي الحبيب الكريم ابن أيمن الصرفي
أنت قدَّرت أن هؤلاء بحثوا في الكتب والشبكة فلما لم يجدوا شيئا نسبوا وضعها إلى ابن مالك فلما نوزعوا جادلوا بأنها ليست كشعر العرب.
وهذا عكس للتتابع الصحيح في عمل هؤلاء، فإنهم علموا أولا أنها ليست من شعر العرب ولا تشبهه، فلما ارتابوا فيها بحثوا لعلهم يجدونها في شيء من الكتب القديمة فما بلَّت أيديهم بشيء.
وأنا أخبركم بشيء ما ذكرته من قبل، ولست أبالي أصدَّقني الناس فيه أم كذبوني، قد كنت والله قبل نحو من ثلاث سنين, وقبل أن أعلم بأن أحدا من الناس تكلم في هذا أو كتب فيه شيئا، كنت أقرأ في بعض كتب النحو وأخص كتاب (نور السجية في حل ألفاظ الآجرومية) لأن هذا ما انقدح في نفسي إلا في تلك الأيام، فكان يمر بي الشاهد، فأعلم في نفسي علما يقينيا أنه ليس من شعر العرب، وأنه موضوع للتمثيل كما يوضع المثال، لكني لم أكن أعلم أن واضعها ابن مالك، ولا تتبعت مصادرها، بل لم أهتم بهذا أصلا، وكان تركيزي في القراءة على مسائل النحو، وإنما أقرأ هذا الشاهد كما أقرأ المثال.
ثم نسيت ومرت الأيام فقرأت بعد ذلك ما كتبه الشيخ فيصل المنصور وما ذكره عن نعيم البدري فإنه السابق إلى هذا وله فضل السبق، فوافق ذلك كله ما في نفسي، ثم قرأت كثيرا من الأبيات التي ذكروا أن ابن مالك وضعها فرأيتها والله كأنها خرجت من مشكاة واحدة، وما اشتمل عليها قلبان.
ثم أصبحت بعد ذلك -لا أبالي أصدقني الناس في هذا أم كذبوني- تقع عيني في بعض الكتب على كلمتين من أول البيت أو من آخره فأجد رائحة أبيات ابن مالك، فأقرأ البيت كله فينقطع الشك باليقين، والناس سينكرون هذا، ويكذبونني فيه، ويقولون: كيف يقع هذا بقراءة كلمتين؟! فلهم ما يحبون، ولكل منا وجهة هو موليها، ولا بد للصبح أن ينبلج.
وأنا ضارب مثالا، أرأيت قوله:
إنارة العقل مكسوف بطوع هوى * وعقل عاصي الهوى يزداد تنويرا
هاتان كلمتان: (إنارة العقل)، أيقولها شاعر من شعراء الاحتجاج، لا والله حتى يعود اللبن في الضرع، وأنا أقسم بالله غير حانث أن هذا البيت ما خرج من بين لحيي شاعر من شعراء الاحتجاج، وإنما هو دسيسة من دسائس المتأخرين.
وسأعود بعد قليل فأنقل كلاما أعجبني عن شيء يشبه ما نحن فيه.

ـ[صالح العَمْري]ــــــــ[13 - 05 - 2013, 05:33 م]ـ
واعلم أن وضع الشواهد قد وقع في غير النحو أيضا، قد وقع في علم العروض، قال الدكتور شعبان صلاح في مقدمة تحقيقه لـ (شفاء الغليل في علم الخليل) لمحمد بن علي المحلِّيّ (ت 673هـ):
"أما نسبة الشاهد إلى قائله فقد كانت مهمة صعبة، فأكثر من نصف الشواهد لم نجد لها قائلا نسبت إليه في المصادر التي رجعنا إليها، وبعضها لم نجد له أثرا في غير كتب العروض، أو في معاجم اللغة عند ذكر العلة التي اعترته أو الزحاف الذي زوحف به، ومرجع الأمر -في رأيي- أن أغلب هذه الشواهد مصنوعة لهذه الأمور خاصة، وليست من إبداع شاعر ما، وإلا فأي شاعر ذاك الذي يقول:
إذا دنا منك شبرا * فأدنه منك باعا
ليكون البيت شاهدا على القبض.
ثم يقول:
إن تدن منه شبرا * يقربك منه باعا
ليكون البيت شاهدا على الخرب.
ثم يقول:
وإن تدن منه شبرا * يقربك منه باعا
ليكون شاهدا على الكف.
وبأي مقياس ينسب إلى الشعر قولهم:
وزعموا أنهم لقيهم رجلٌ * فأخذوا ماله وضربوا عنقه
أو قولهم:
وبلدٍ قطعه عامر * وجمل نحره في الطريق
إن الصنعة تبدو واضحة في أمثال هذه الشواهد، وهي بالقطع من صنع عروضي، لكي يبرز الزحاف الذي يعتري البحر، أو يمكِّن للعلة التي ألمت به."
ونقول هذا الذي وقع في العروض قد وقع في النحو أكثر منه، فكم من بيت قد وضع ليكون شاهدا على مسألة ما، ولعل الوضع إنما كثر في بعض المتأخرين، أما تغيير الأبيات وتحريفها فهو قديم، قال علي بن حمزة البصري في التنبيهات على كتاب الكامل بعدما ذكر أن أبا العباس المبرد غير في رواية أحد الأبيات:
"وهذا من فعل أبي العباس غير مستنكر، لأنه ربما ركب المذهب الذي يخالف فيه أهل العربية واحتاج إلى نصرته فغيَّر له الشعر واحتج به، فمن ذلك ما رواه لعمارة بن عقيل بن بلال بن جرير، وهو:
كأن في أطلالهن الشمسُ
وهذا مما أجمع أهل العلم على لحنه فيه وتغيير روايته، وإنما الرواية:
تحار في أطلالهن الشمسُ
هذا مع أنه يدعي سماع شعر عُمارة من عُمارة، واستشهاره بتغيير الروايات يغنينا عن التماس الحجج عليه."
والأخبار في مثل هذا كثيرة، والله أعلم.

ـ[صالح العَمْري]ــــــــ[13 - 05 - 2013, 10:30 م]ـ
فمن ذلك ما رواه لعمارة بن عقيل بن بلال بن جرير، وهو:
كأن في أطلالهن الشمسُ
وهذا مما أجمع أهل العلم على لحنه فيه وتغيير روايته، وإنما الرواية:
تحار في أطلالهن الشمسُ

هكذا وقع في التنبيهات لعلي بن حمزة بتحقيق الميمني، والرواية الصحيحة: "أظلالهن" بالظاء المعجمة.
وقد جاءت بالظاء المعجمة على الصواب في تعليقات أبي الحسن علي بن سليمان الأخفش على نوادر أبي زيد، قال أبو الحسن:
"أنشدنا أبو العباس محمد بن يزيد، قال: أنشدني عمارة لنفسه يصف نخلا:
كأنهن الفتيات اللعسُ * كأن في أظلالهن الشمسُ"
أما "أطلالهن" فباطلة لا معنى لها.
وكذلك رواية أبي العباس: "كأن" باطلة، والصواب: "تحار".
والأبيات لعمارة بن عقيل بن بلال بن جرير الشاعر بن عطية بن الخطفى اليربوعي، يصف بها نخلا، والصواب كما قلنا:
تحار في أظلالهن الشمسُ
يقول: هذا النخل من تقارب فروعه قد تكاثفت أظلاله، فإذا أراد شعاع الشمس أن ينفذ من بين ذلك الجريد والخوص حار ولم يجد منفذا.
وأعتذر إليكم من خروجي عن الحديث.
¥

نام کتاب : ملتقى أهل اللغة نویسنده : مجموعة من المؤلفين    جلد : 1  صفحه : 1219
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست