نام کتاب : ملتقى أهل اللغة نویسنده : مجموعة من المؤلفين جلد : 1 صفحه : 1206
ـ[صالح العَمْري]ــــــــ[29 - 07 - 2011, 08:16 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
لقد رددتُ قبل هذه المرة وأثنيت على كلام الأستاذ البارع/ فيصل المنصور، فكان ينبغي أن أكتفي الآن بشكره عن طريق زر الشكر لكنني لم أستطع كتم ما في نفسي، فسأنشده بيتين أكتفي بهما عن ما طال من الكلام.
ومن خبر هذين البيتين أنني أنشدتهما بعض إخواني ممن أثق بعقله وجودة رأيه وحسن ذوقه، فاتصل بي بعد بضعة أيام وقال: والله لولا الورع لحلفت على أن العرب ما نطقت بأحسن من هذين البيتين وأبدع، والبيتان للكميت بن زيد الأسدي، وهما:
لمّا عبأت لقوس المجد أسهمها ** حين الجدودُ عن الأحساب تنتضلُ
أحرزت من عشرها تسعا وواحدة ** فلا العمى لك من رام ولا الشللُ
فقلت له: أضف إليهما قوله في قصيدة أخرى يعاتب قوما من قريش:
فقائبةٌ ما نحن يوما وأنتم ** بني مالك إن لم تفيئوا وقوبُها
هذا خبري مع صاحبي.
وأقول استطرادا: هذا البيت الأخير لو كان من المعادن لكان ذهبا خالصا، ويلحق به قول غيلان ذي الرمة:
كأنها أُمُّ ساجي الطرف أخدرها ** مستودَعٌ خَمَرَ الوعساء مرخومُ
لا ينعش الطرفَ إلا ما تخوَّنه ** داعٍ يناديه باسم الماء مبغومُ
سبحان من علمهم البيان! هذا -والله- السحر الحلال، وإن المرء ربما أصابه منه نشوة تشابه نشوة المخمور.
وأعتذر جدا من الإطالة، لكنني طربت إلى مجالس الأدب، فأردت أن ألقي دلوي في الدلاء.
ـ[فيصل المنصور]ــــــــ[30 - 07 - 2011, 08:34 م]ـ
باركَ الله فيك، وإنا لنُسَرُّ بمشاركاتِك الحسنة، ونوادرك الماتعة، فلا تقطع عنا هذا الخير. وقد قالُوا: اختيار الرجل قِطعة من عقلِه. واختيارُك هذا دالٌّ على جودةِ عقلِك، ونُبلِ ذوقِك!
دمتَ على أحسن حال.
وبعد،
فقد فرغنا الآنَ من ذكرِ الحججِ، والأدلَّة بعدَ أن طالَ ذلك، وامتدَّ حتَّى خشِينا أن نكونَ قد أضجرنا القارئَ، وأملَلْناه. وما ذاكَ من تعذُّرِ حُجَّةٍ، ولا مِن طولِ بَحثٍ، ولكنَّ الشيءَ إذا كانَ سَهْلاً واضِحًا، وبيِّنًا ناصِعًا، لم تنشَط النفسُ للإبانةِ عنه، والاحتجاج له، وبسطِ القولِ فيهِ، وكانَت مئونتُه أشدَّ من مئونةِ الصَّعبِ المعضِل.
وإني أحسب أنَّ القارئَ الكريمَ قد أقرَّ بهذا القولِ، ولكنَّه يأبَى أن يُلزِمَ ابنَ مالكٍ بذلك ذنبًا، أو يُلحِقَه عيبًا، ويقولُ: إنَّما أرادَ بذلكَ الاستئناسَ، والتمثيلَ، ولم يدَّع أنَّ هذه الأبياتَ من الشِّعر الذي يُحتَجُّ به.
وأقولُ:
ودِدنا ذاكَ، ولكنَّ ابنَ مالكٍ وإن كانَ بريئًا من الكذبِ الذي رمَاه بهِ البدريُّ، فليسَ بريئًا من التدليسِ. والتدليسُ هو استِعمالُ الألفاظِ الموهِمةِ ليَظنَّ المخاطَبُ غيرَ الواقِع. وإنَّما كانَ مدلِّسًا لأنَّه لمَّا وضَع هذه الأبياتَ لم ينسُبها إلى نفسِه بقولِه: (وقلتُ)، وإنَّما نسبَها إلى (الشَّاعر)، ونسبَ بعضَها إلَى (الطائيِّ)، وإلَى (رجلٍ من العربِ) ليوهِمَ القارئَ أنَّ قائلَها من أهلِ الاحتِجاجِ، حتَّى بلغَ من تدليسِه ما تَراه في هذه الأمثِلة:
1 - أنشدَ ستةَ أبياتٍ، ثلاثةٌ منها هو واضِعها، ثم قال: (والنحويون إلا أبا الفتح يحكمون بمنعِ مثلِ هذا. والصحيح جوازه لوروده عن العرب في الأبياتِ المذكورةِ، وغيرها) [شرح التسهيل 1/ 161]. والأبياتُ المذكورة منها ما لا حُجَّة فيه. ومن أجلِ أن ينصُرَ مذهبَه وضعَها، وأوهَم القارئَ أنَّ ذلك كلَّه ورادٌ عن العربِ الذين يُحتَجُّ بهم. ووجهُ التدليسِ أن يكونَ قد أرادَ بالإشارةِ بـ (هذه) الأبياتَ الثلاثةَ، أو يكونَ أرادَ أنَّها جميعًا واردةٌ عن العربِ، لأنَّه داخِلٌ فيهم، فاستعمَل الألفاظَ المحتمِلةَ ليُلقِيَ في رُوع القارئِ أنَّ هذه الأبياتَ كثيرةٌ. ولعلَّ القارئَ لو علِمَ أنَّها ثلاثةٌ، لاستقلَّها، ورغِبَ عن مذهبِه الذي خالفَ به النحويِّينَ جميعًا إلا أبا الفتحِ.
2 - قالَ: (ومن استعمال "اللتْ" قولُه:
أرضُنا اللَّتْ أوَت ذوي الفقرِ والذلْ ... لِ، فآضوا ذوي غنًى، واعتزازِ) [شرح التسهيل 1/ 190].
فيَظنُّ القارئُ أن المرادَ استِعمالُ العربِ الأوائلِ الذينَ يُحتَجُّ بهم.
3 - قالَ مرجِّحًا مسألةً من المسائل: (لأن ذلك ثابتٌ بالقياس، والسماع ... وأما السماع، فمِنه قول حسانَ ... ومنه قول بعض الطائيين:
¥
نام کتاب : ملتقى أهل اللغة نویسنده : مجموعة من المؤلفين جلد : 1 صفحه : 1206