responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : ملتقى أهل اللغة نویسنده : مجموعة من المؤلفين    جلد : 1  صفحه : 1202
فأمَّا ألفاظُ هذه الأبياتِ، فإنَّها سَهْلةٌ واضحةٌ، وليسَ فيها ألفاظٌ غريبةٌ. وهذا من أدلَّةِ وضعِها، إذْ لو كانت صحيحة النِّسبةِ إلَى العربِ الذين يُحتجُّ بشعرِهم، لكُنَّا نجِد فيها اللفظَ الغريبَ كما نجِد فيها اللفظَ السَّهْلَ. وهذا بيِّنٌ معلومٌ.
وأمرٌ آخَر يَدُلُّك على أنَّ واضعَ هذه الأبياتِ شخصٌ واحِدٌ، وهو أنَّك إذا تصفَّحتَ ألفاظَها، ألفيتَها متقارِبةً، ووجدتَّ اللفظَ منها مكرَّرًا في أكثرَ من موضعٍ. وذلكَ أنَّ لكلِّ امرئٍ خِزانةً من اللفظِ لا يكادُ يجاوِزُها. وأمثِّل لك بامرئ القيسِ، فإنَّ ذلكَ ظاهرٌ في شِعرِه. وقد قالَ:
كأنَّ دماءَ الهادياتِ بنحرِهِ ... عُصارة حِنَّاء بشَيبٍ مرجَّلِ
وقال:
كأنَّ دماءَ الهادياتِ بنحرِهِ ... عُصارة حِنّاء بشيبٍ مفرَّق
وقال:
له أيطلا ظبيٍ، وساقا نعامةٍ ... وإرخاءُ سِرحان، وتقريبُ تتفلِ
وقال:
له أيطلا ظبيٍ، وساقا نعامةٍ ... وصهوةُ عَيرٍ قائِمٍ فوقَ مَرْقبِ
وقالَ:
قعدتُّ وصحبتي له بينَ ضارجٍ ... وبين العُذيب بُعد ما متأمَّلِ
وقال:
قعدتُّ وصحبتي له بينَ ضارجٍ ... وبين تلاعِ يثلث فالعَريضِ
وهو أمرٌ لم يستطِع ابنُ مالكٍ أن يسترَه بلُطفِ الصَّنْعةِ، ودِقَّة الحِيلةِ، فنمَّ عليه، ووشَى به. وسأسوقُ لكَ شواهِدَ على ذلك.
قالَ:
أخِي حسبتُك إيَّاه وقد مُلِئت ... أرجاءُ صدرِك بالأضغانِ والإحَنِ
فقولُه: (وقد ملِئت أرجاءُ صدرِك) لهُ نظائِرُ، منها قولُه:
لبئس المرءُ قد مُلئ ارتياعا ... ويأبَى أن يراعي ما يُراعَى
وقولُه:
علامَ ملئتَ الرعبَ والحربُ لم تقد ... لظاها، ولم تُستَعمل البِيضُ، والسُّمْرُ
وقولُه:
مُلئتَ رعبًا وقومٌ كنتَ راجيَهم ... لما دهمتُك من قومي بآسادِ
وقولُه:
لنحنُ الألَى قلتم، فأنَّى مُلِئتمُ ... برؤيتِنا قبل اهتمامٍ بكم رُعبَا
وقد رأيتَ تَكرارَ كلمة (الرعب) مع (الملْء) أيضًا.
وقالَ:
من يُعنَ بالحمدِ لم ينطِق بما سَفَهٌ ... ولا يحِد عن سبيلِ الحِلْم، والكَرَمِ
فقولُه: (يُعنَ) من ألفاظِه التي يكثِرُ تَكرارَها معَ نُدرتِها في الشِّعر القديمِ! وإنَّك لتمرُّ بآلافِ الأبياتِ فلا تلقَى لها ذِكرًا! ومن ذلك قولُه:
لا تُعنيَنَّ بما أسبابُه عسُرت ... فلا يدي لامرئٍ إلا بما قُدِرا
وقولُه:
بما عُنيتَ به من سؤددٍ، وندى ... يحيا أباك رهينَي مِيتةٍ، وبِلَى
وقوله:
لقد حازَ من يُعنى به الحمدَ إن أبَى ... مكافأةَ الباغينَ، والسُّفهاءِ
وقولُه:
إن تُعنَ نفسُك بالأمرِ الذي عُنِيَت ... نفوسُ قومٍ سمَوا تظفَر بما ظفِروا
وقولُه:
إذا كنتَ معنيًّا بجودٍ، وسؤددٍ ... فلا تكُ إلا المُجمِلَ القولَ، والفِعْلا
وقولُه:
وإن امرأ لم يُعنَ إلا بصالحٍ ... لغيرُ مُهينٍ نفسَه بالمطامعِ
وقولُه:
وفاقًا بني الأهواءِ، والغَيِّ، والونَى ... وغيرُك معنِيٌّ بكلِّ جميلِ
وقولُه:
لعمري ليُجزَى الفاعلون بفعلِهم ... فإياك أن تعنَى بغيرِ جميلِ
وقد رأيتَ أيضًا تكرارَ كلمة (جميل) بعد كلمة (تُعنَى).
وقولُه:
* لم يُعنَ بالعلياءِ إلا سيِّدا *
وقولُه:
* ما دامَ معنيًّا بذكرٍ قلبَه *
وأما (الحمد)، فهو لفظٌ كثيرُ الذِّكرِ في أبياتِه، وكذلكَ (الحِلم)، و (الكرم). ولا حاجةَ لإيرادِها خشيةَ الإطالة.
وقولُه: (سبيلِ الحِلْم، والكرمِ) قد كرَّره أيضًا إلا أنَّه جعلَ مكانَ (الحِلْمِ) (المجدَ)، قالَ:
دمتَ الحميدَ، فما تنفكُّ منتصِرًا ... على العِدا في سبيلِ المجدِ، والكَرَمِ
على ما في ذلك من ركاكةٍ ظاهرةٍ، وسذَاجةٍ في المعنى.
وقولُه:
(دمتَ) من ألفاظِه في الدعاءِ. ومن ذلك قولُه:
دامنَّ سعدُكِ إن رحِمتِ متيَّمًا ... لولاكِ لم يكُ للصبابةِ جانِحا
و (الحميد) مشتقٌّ من (الحمدِ). وهو من الألفاظِ الكثيرةِ الدورانِ في هذه الأبياتِ كما ذكرنا.
وقولُه: (تنفكُّ) له نظائرُ عِدَّةٌ في هذه الأبياتِ معَ قلتِها في شِعر مَن يُحتجُّ به. ومن ذلك قولُه:
إذا قلتُ: علَّ القلبَ يسلوُ، قيِّضت ... هواجسُ لا تنفكُّ تغريه بالوجدِ
وقولُه:
وقد علِموا ما هُنَّ كهْي، فكيفَ لي ... سلوٌّ، ولا أنفكُّ صَبًّا متيَّما
ولعلَّك لاحظتَ أيضًا كلمة (يسلو)، و (سلوّ).
وقولُه:
أما النِّساءُ، فأهوَى أيَّهن أرى ... للحبِّ أهلاً، فلا أنفكُّ مشغوفا
مع ما في هذا المعنَى من البرودةِ، والسُّخفِ.
وقولُه:
¥

نام کتاب : ملتقى أهل اللغة نویسنده : مجموعة من المؤلفين    جلد : 1  صفحه : 1202
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست