نام کتاب : ملتقى أهل اللغة نویسنده : مجموعة من المؤلفين جلد : 1 صفحه : 1139
يُصغَّرَ علَى (مُتَيعِد).
وقد راعَوا الأصلَ أيضًا في نداءِ المرخَّمِ، نحو (أفاطِمَ)، فأبقَوا آخِرَ المنادَى على أصلِه، وهو الفَتْحُ. ومنهم من اعتدَّ بالعارضِ، وأقامَه مُقامَ الأصلِ، فبَنَاه على الضمِّ كما تُبنَى الكلِمة قبلَ الترخيمِ. وراعَوا الأصلَ أيضًا في نحوِ (الَحْمَر). وذلكَ من قِبَلِ أنَّ همزةَ الوصلِ إنما أُتِيَ بها للتوصُّلِ إلى النطقِ بالسَّاكنِ، وهو اللامُ، فلما تحرَّكت اللامُ، لم يحذِفُوا الهَمْزةَ وقد زالَت عِلَّتُها. ومِنَ العربِ من يُراعي العارضَ، فيحذِفُها، ويَقولُ: (لَحْمَر). ونظيرُ هذا حذفُهم الهَمزةَ من نحو (اردُدْ) إذا أدغِمَ، فيقولونَ: (رُدَّ). وذلكَ لزوال علتِها. ومِنَ العربِ، وهم عبدُ القيسِ، مَن يبقِي علَى الهمزةِ، وإن زالَ غرضُها، فيقول: اِرُدَّ. وكلٌّ قد رامَ وجهًا، وانتحَى مذهبًا. وذلكَ أنَّ عِلَل النَّحو قائِمةٌ علَى الاستحسَانِ. والاستحسَانُ أمرٌ لا ينتهِي إلى حدٍّ، ولا يقِفُ عندَ غايةٍ. وإنَّما هو أمرٌ تتبايَن فيهِ العقولُ، وتفترِقُ فيه الأهواءُ.
وكمَا فخَّمُوا الأصلَ، وعظَّمُوه، فلم ينقضُوا الحُكْمَ الذي ناطُوه به لزوالِ عِلَّتِه بعدَ التفريعِ، كذلكَ صغَّروا من الفرعِ، وحقَّروه، فلم يكترثُوا أن تقومَ فيهِ بعد خروجِه عن الأصلِ عِلَّةٌ توجِبُ له حُكْمًا ليسَ في الأصلِ. ألا ترَاهُم احتملُوا تحرُّك الياءِ، وانفتاحَ ما قبلها في نحو (جَيَل)، فلم يبدِلوها ألفًا. وذلكَ أنَّها فتحةٌ عارِضةٌ، لأنَّ أصل (جَيَل) (جَيْئَل)، ولم يقلِبوا الواو ياءًا في (رُوْيَا)، لأنَّها عارِضةٌ، أصلُها (رُؤْيا). ومِن العربِ من يقلبُها ياءًا، فيقول: (رُيَّا). وهذا محمولٌ على ما ذكرتُ لك من اختلافِ عقولِهم، وأقيستِهم، ولكنَّ الوجهَ المنقادَ هو الأوَّلُ.
وإذا فقهت هذا الأصلَ، لم تنكِر على سيبويه رفضَه إثباتَ بِناءِ (فُعْلَل). وذلكَ أنَّ كلَّ ما سُمِعَ من أمثلةِ (فُعْلَل)، سُمِع فيه أيضًا (فُعْلُل) كـ (بُرْقَع)، و (بُرْقُع)، و (جُنْدَب)، و (جُنْدُب). وإذن فهو فَرْعٌ عنْه، فلا يَثبُت بهِ بِناءٌ كما لا يَثبُت له حُكْمٌ.
وهذا بابٌ مشتجِرٌ غامِضٌ طويلٌ. وإنما أردتُّ أن أدُلَّ على طَرَفٍ منه لنفاستِه، وعِظَمِ خَطَرِه.
والله أعلَم.
ـ[صالح العَمْري]ــــــــ[15 - 10 - 2011, 05:51 م]ـ
نتقدم بالشكر الكثير لشيخنا العالِم البحّاثة فيصل المنصور على هذا التفصيل المحكم، والتبيان الشافي.
ـ[فيصل المنصور]ــــــــ[15 - 10 - 2011, 10:26 م]ـ
بارك الله فيك يا أبا حيَّان. وأنا دون ما ذكرتَ.
ـ[د. خديجة إيكر]ــــــــ[15 - 10 - 2011, 10:28 م]ـ
وإنَّما قلتُ: إن أصلَ (يقَع) هو (يقِع). وهذا ليس من ابتداعِي، وإنَّما هو كلامُ الصرفيِّينَ. وهو منبَثٌّ في كتبهم.
الأخ الكريم فيصل المنصور، أرجو أن تَدُلَّني على كتاب واحد فقط من كتب الصرفيين يقول فيه إن أصلَ (يقَع) هو (يقِع). وسأكون شاكرة لك.
ومِن الأصل غيرِ المستعمَلِ (أبو) لـ (أب)، و (اصتبَرَ) لـ (اصطبرَ)، و (قوَلَ) لـ (قالَ)، و (يَوْعِد) لـ (يَعِد)، و (يقِع) لـ (يقَع).
صنَّفتَ (يقِع) لـ (يقَع) مع (اصتبَرَ) لـ (اصطبرَ)، و (قوَلَ) لـ (قالَ)، و (يَوْعِد) لـ (يَعِد) فيظن القارئ أن ما حدث في (يَقِعُ) فأصبحت ــــ في نظرك ـــ (يقَع) هو نفسه الذي حدث في الكلمات الأخرى. بينما لا علاقة للألفاظ ببعضها: (اصتبر) حدث فيها إبدال، و (قول) حدث فيها إعلال بالقلب، و (يعد) حدث فيها إعلال بالحذف. فما هي القاعدة الصرفية التي حدثت في (يَقِعُ) حتى تحوَّلت إلى (يَقَعُ)؟؟؟
وأخيراً إن حديثكَ عن التقاء الساكنين، والترخيم، والتفخيم وغيره من الأمور لا علاقة له بموضوع (يَقِعُ) وليست دليلا ولا حجَّةً على وجود هذا الفعل في العربية.
ـ[كمال أحمد]ــــــــ[16 - 10 - 2011, 12:54 ص]ـ
بارك الله فيك يا أستاذ فيصل، ورفع قدرك.
قولك: وإذا خرجَ الشيءُ عن أصلِه، وكانَ لأصلِه حُكْمٌ، فزَالَت عِلَّتُه بعدَ خروجِه عن هذا الأصلِ، فإنَّ من مذهبِ العربِ أن يبقُوا الحُكْمَ، ولا يغيِّرُوه، وإنْ زالتْ عِلَّتُه. وذلك لكي يحافِظُوا علَى دليلِ أصلِه، وينبِّهُوا علَى أرومتِه، ومنبِته، ألا ترَى أنَّهم لو قالُوا: (وقَع يَوْقَع)، لم يُعرَف أنَّ أصلَه (وقَع يقِع).
¥
نام کتاب : ملتقى أهل اللغة نویسنده : مجموعة من المؤلفين جلد : 1 صفحه : 1139