نام کتاب : ملتقى أهل اللغة نویسنده : مجموعة من المؤلفين جلد : 1 صفحه : 1012
أـــ لأن القصد من الآية نفي المثل عنه سبحانه وتعالى، وعدم الزيادة يفضي إلى إثبات المثل له سبحانه وتعالى، لأن قولنا: "ليس شيء مثل مثله" فيه إثبات للمثل بطريقةٍ ضِمْنِيَّةٍ، وهو خلافُ المقصودِ، وهو محالٌ في حقِّه تعالى، وهذا ما قصد إليه العكبري فيما نقلتُ عنه آنفا.
ب ـــ يكون في الآية تناقضٌ، لأنها تفيد أن له مثلا، وأنه ليس لمثله مثلٌ، وهو تناقض واضح، لأنه إذا كان له مثل فأن يكون لمثله مثلٌ من باب أولى، والقرآن الكريم مُنَزَّهٌ عن التناقض والاختلاف، قال تعالى {ولوكان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا}.
2 ـــ أن "مثل " هي الزائدة، كما زيدت في {فإن آمنوا بمثل ما آمنتم به}
ومن القائلين بهذا الطبري وثعلب وغيرهما، قال الألوسي: [وذهب الطبري وغيره (كثعلب) إلى أن "مثلا" زائدة للتأكيد كالكاف في قوله:
بالأمس كانوا في رخاءٍ مأمول = = فأصبحوا مثلَ كَعصفٍ مأكول
وقول الآخر:
أَهَلْ عَرَفْتَ الدَّارَ بِالغَرِيَّيْنْ = = وصَاليَاتٍ كَكَمَا يُؤَثْفَيْنْ] اهـ (2)
قالوا وإنما زيدت "مثل" هنا لتفصل الكاف من الضمير، والمعنى: ليس "كهو" شيء، وذلك لأن الكاف لا تدخل إلا على الاسم الظاهر المنكر، ولا تجر المضمر إلا في ضرورة الشعر، قال ابن مالك في الألفية:
بِالظَّاهِرِ اخْصُصْ مُنْذُ مُذْ وَحَتَّى = = وَالْكَافَ وَالْوَاوَ وَرُبَّ وَالتَّا
وَاخْصُصْ بِمُذْ وَمُنْذُ وَقْتًا وَبِرُبّْ = = مُنَكَّرًا وَالتَّاءُ للَّهِ وَرَبّْ
ورد هذا بأن زيادة الحرف أولى من زيادة الاسم، بل زيادة الاسم لم تثبت، وأما قوله تعالى: {... بمثل ما آمنتم به} فيجاب عنه بأمرين:
الأول: أن هذه الآية يشهد لزيادة "مثل" فيها قراءة ابن عباس: {فإن آمنوا بما آمنتم به}.
الثاني: أنه يمكن تخريج الآية على زيادة الباء في المفعول المطلق، وجعل "ما" مصدرية، والتقدير " فإن آمنوا إيمانا مثل إيمانكم به " والضمير في "به" إما لله سبحنه، وإما لمحمد صلى الله عليه وسلم، وإما للقرآن الكريم (3)
3 ــ وقال المحققون: لا زيادة في "الكاف" ولا في "مثل"،لأن الزيادة خلاف الأصل.
ثم اختلف هؤلاء:
أــ فمنهم من قال: "مثل" بمعنى "ذات" كالرازي في تفسيره، والمعنى: ليس كذاته شيء. كما يقال: مثلك من يعرف الجميل، أي أنت من يعرف الجميل، وحملوا عليه قوله تعالى: {كمن مثله في الظلمات} أي كمن هو في الظلمات، وقال الشاعر:
يَا عَاذِلِي دَعْنِيَ مِنْ عَذْلِكَا = = مِثْلِيَ لاَ يَقْبَلُ مِنْ مِثْلِكَا
ب ــ ومنهم من قال: "مثل" بمعنى "صفة" كقوله تعالى: {مثل الجنة التي وعد المتقون فيها أنهار من ماء غير آسن ...} أي صفة الجنة، ومعنى الآية عندهم: ليس كصفته شيء.
ج ــ وقيل "الكاف " اسم مؤكد بـ"مثل" توكيدا لفظيا، كما أن "مثل" مؤكد بـ"الكاف" الاسمية في قوله:
........................ = = فصيروا مثل كعصف مأكول
وإليه نحا ابن عطية في " المحرر الوجيز في تفسير كتاب الله العزيز" فقال: [الكاف مؤكدة للتشبيه. فنفي التشبيهَ أوكد ما يكون.
وذلك أنك تقول: زيد كعمرو، وزيد مثل عمرو. فإذا أردت المبالغة التامة قلت: زيد كمثل عمرو. ومثل هذا قول أوس بن حجر:
وقتلى، كمثل جذوع النخيل = = تغشاهم مسبل منهمر
وقول الآخر:
سعد بن زيد إذا أبصرت فضلهم = = ما إن كمثلهم في الناس من أحد
فجرت الآية على عرف كلام العرب] اهـ
وقد أشار إليه الزمخشري إذ قال: [ولك أن تزعم أن كلمة التشبيه كررت للتأكيد، كما كررها من قال: وصاليات، ككما يؤثفين
ومن قال: فأصبحت مثل كعصف] اهـ
د ـــ وبعضهم ــ كالزمخشري وجل أهل البلاغة ــ قال: لا زيادة، والكلام على الكناية، كقولهم: "مثلك لا يبخل " قال الزمخشري: [نَفَوُا الْبُخْلَ عن مثله وهم يريدون نفيه عن ذاته قصدوا المبالغة في ذلك فسلكوا به طريق الكناية لأنهم إذا نفوه عمن يسد مسده وعمن هو على أخص أوصافه فقد نفوه عنه
ونظيره قولك للعربي: "العرب لا تخفر الذمم" فإنه أبلغ من قولك: "أنت لا تخفر" ومنه قولهم: "أيفعت لداته وبلغت أترابه" يريدون إيفاعه وبلوغه،
¥
نام کتاب : ملتقى أهل اللغة نویسنده : مجموعة من المؤلفين جلد : 1 صفحه : 1012