responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : ملتقى أهل اللغة نویسنده : مجموعة من المؤلفين    جلد : 1  صفحه : 1010
و"كم" ضمير جمع الذكور المخاطبين في محل نصب على أنه مفعول به، والمخاطبون الناس والأنعام بتغليب العقلاء على غيرهم، وهو أسلوب عربي شائع فصيح، كما أن فيه تغليب الخطاب على الغيبة، لأن الأنعام ليست مخاطبة، وإنما ذكرت بأسلوب الغيبة، إذن ففيه تغليبان: تغليب العقلاء على غير العقلاء، وتغليب الخطاب على الغيبة، قال ابن عاشور: [وهو تغليب دقيق إِذْ اجتمع في لفظٍ واحدٍ نوعان من التغليب كما أشار إليه الكشافُ والسكاكي في مبحث التغليب من المفتاح] اهـ (3)
.
(فيه) جار ومجرور متعلق بـ"يذرؤ"، والضمير عائد على المصدر الذي يدل عليه الفعل أو شبه الفعل الواقع قبله (4) ويحتمل أن يكون ذلك المصدر هو:
1 ـــ " الجعل" المفهوم من "جعل" على حد قوله تعالى {اعدلوا هو أقرب للتقوى} أي العدل (المفهوم من "اعدلوا") أقرب للتقوى، قال ابن عطية: [كما تقول: كلمت زيداً كلاماً أكرمته فيه] أي في التكليم، ثم إنه يحتمل أن يعود على:
أـــ جعل الأزواج من الناس، وهو ما أراده مجاهد بقوله: "يخلقكم في بطون الإناث"
والزجاج بقوله: "يكثركم فيه، أي به، أي يكثركم في خلقكم أزواجاً"

ب ـــ أو على جعل الأزواج من الأنعام، وهو ما عناه ابن عباس بقوله: "أي يجعل لكم فيه معيشية تعيشون بها" وابن زيد بقوله: "يرزقكم فيه " وهو قريب من قول ابن عباس.
2 ـــ أو " فَطْرِ السماوات والأرض" (= خلقهما وإبداعهما) المفهوم من " فاطر"، وهو ما قصده ابن زيد أيضا بقوله في روايةٍ عنْهُ: " يذرؤكم فيما خلق من السموات والأرض".
3 ــ وقال العتبي: ضمير {فِيهِ} للبطن لأنه في حكم المذكور والمراد يخلقكم في بطون الإناث، ذكره الألوسي، وقال: [وهو كما ترى ومثله ما قبله والله تعالى أعلم]
4 ــ قال العكبري: ويجوز أن يكونَ ضميرَ "المخلوقِ"الذي دل عليه (يذرؤكم).
5 ــ وقال الزجاج في " إعراب القرآن ": [قيل الهاء للمصدر، أي يذرؤكم في الذرء]. أي المصدر المفهوم من الفعل (= يذرؤكم).

و" في" يجوز أن تكون:
ـــ للظرفية على سبيل المجاز، والمعنى ـ كما قال السمين ـ: يُكَثِّركم في هذا التدبير، وهو أنْ جَعَلَ للناسِ والأنعام أزواجاً حتى كان بين ذُكورِهم وإناثِهم التوالُدُ.
وهو ما أراده الزمخشري بقوله: [فإنْ قلت: ما معنى يَذْرَؤُكم في هذا التدبيرِ؟ وهلا قيل يَذْرَؤُكم به. قلت: جُعِل هذا التدبيرُ كالمَنْبَع والمَعدِنِ للبَثِّ والتكثيرِ. ألا تَراك تقول: للحَيَوان في خلق الأزواج تكثير، كما قال تعالى: {وَلَكُمْ فِي القصاص حَيَاةٌ}] اهـ
وابن عاشور بقوله: [وحرف "في" مستعار لمعنى السببية تشبيها للسبب بالظرف في احتوائه على مسبباته كاحتواء المنبع على مائه والمعدن على ترابه، ومثله قوله تعالى: {ولكم في القصاص حياة}] اهـ

ـــ بمعنى "الباء" أي لمعنى السببية على رأي الكوفيين الذين يرون أن حروف الجر ينوب بعضها عن بعض، أي يذرؤكم بسببه.
وجملة (يذرؤكم فيه) فعلية إما:
ــــ في محل نصب على أنها حال مِنْ:
1 ـ ضمير الفاعل المستتر في "جعل" وهو الأجود. والمعنى:" جعل الله لكم من أنفسكم أزواجا في حال كونه خالقا لكم في ذلك الجعل "
2 ـ أو ضمير المصدر المقدر في "جعل"، والمعنى:" جعله (= الجعل) الله لكم من أنفسكم أزواجا في حال كونِ الجعلِ يذرؤكم فيه ". وهو كما ترى ركيك
3 ـ أو ضمير المخاطبين في "لكم"، والمعنى: " جعل لكم من أنفسكم أزواجا في حال كونكم يذرؤكم في ذلك الجعل " وهو كما ترى.
ــــ أو في محل رفع على أنها:
أـ خبر سادس أو سابع لـ" ذلكم ".
ب ـ خبر ثان لـ"فاطر " إذا اعتبرنا أنه مبتدأ.
ج ـ خبر رابع لـ" هو" على ما اختار ابن عاشور، والمعنى: " وهو قدير على كل شيء ... وهو فاطر السموات والأرض، وهو جاعل لكم أزواجا من أنفسكم، وهو ذارؤكم (=خالقكم) في ذلك الجعل "
وقول الأستاذ محي الدين الدرويش في كتابه " إعراب القرآن وبيانه": [وجملة " يذرؤكم فيه " نعت لـ" أزواجا"] مجانب للصواب لعدم وجود رابط معنوي بين النعت والمنعوت، وهو من شروط صحة جعل الجملة نعتا.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) "مشكل إعراب القرآن " لمكي بن أبي طالب القيسي / ج2 / ص 644 طبعة إلكترونية ضمن المكتبة الشاملة.
(2) "الدر المصون في علم الكتاب المكنون " ص 4641 طبعة إلكترونية ضمن المكتبة الشاملة.
(3) وكلام الكشاف الذي أشار إليه ابن عاشور هو قول الزمخشري: [والضمير في {يَذْرَؤُكُمْ} يرجع إلى المخاطبين والأنعام، مغلباً فيه المخاطبون العقلاء على الغيب مما لا يعقل، وهي من الأحكام ذات العلتين] اهـ
قال الشيخ أبو حيان منتقدا للزمخشري كعادته: [وقوله: "وهي من الأحكام ذات العلتين" اصطلاح غريب، ويعني أن الخطاب يُغلَّب على الغيبة إذا اجتمعا فتقول: أنت وزيد تقومان؛ والعاقل يُغلَّب على غير العاقل إذا اجتمعا، فتقول: الحيوان وغيره يسبحون خالقهم] اهـ
وقال الألوسي: فيه تغليبٌ واحدٌ اشتمل على جهتين: العقلِ على غيره، والخطابِ على الغيبة.
قال: [فهناك تغليبٌ واحدٌ اشتملَ على جهتيْ تغليبٍ، وذلك لأن الأنعامَ غائبٌ غيرُ عاقلٍ، فإذا أُدْخِلَتْ في خطابِ العقلاءِ كان فيه تغليبُ العقلِ والخطابِ معًا، وهذا التغليب أعني التغليب لأجل الخطاب والعقل من "الأحكام ذات العلتين" وهما هنا الخطابُ والعقلُ وهذا هو الذي عناه جار الله وهو مما لا بأسَ فيه لأن العلة ليست حقيقيَّةً] اهـ
وقال الرازي: [والضمير في {يَذْرَؤُكُمْ} يرجع إلى المخاطبين، إِلَّا أنه غلب فيه جانب الناس من وجهين:
الأول: أنه غلب فيه جانب العقلاء على غير العقلاء.
الثاني: أنه غلب فيه جانب المخاطبين على الغائبين] اهـ
(4) عود الضمير على المصدر المفهوم من الفعل أو ما هو كالفعل من اسم الفاعل والمفعول عربي فصيح، وقد بوب له الزجاج في " إعراب القرآن" فقال: [السادس والستون ما جاء في التنزيل أضمر فيه المصدر لدلالة الفعل عليه] وأتي فيه بأمثلة كثيرة من القرآن الكريم، ومما ذكره هذه الآية فقال: [وفي قوله {يذرؤكم فيه} أي يذرؤكم في الذرء] اهـ راجعه تستفد علما غزيرا.
¥

نام کتاب : ملتقى أهل اللغة نویسنده : مجموعة من المؤلفين    جلد : 1  صفحه : 1010
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست