(وما اختلفتم) "الواو" تحتمل احتمالين ــ وقد قيل بكل منهما ـــ:
1ــ أن تكون عاطفة للجملة بعدها على الجمل قبلها.
2ــ وأن تكون للاستئناف.
وذلك على اعتباريْن مختلفيْن:
الأول: أن يكون هذ الكلام (= وما اختلفتم فيه من شيء فحكمه إلى الله) من تتمة ما قبله، فيكون كلاما موجها من الله تعالى إلى الناس، والمتكلم بالجميع هو الله سبحنه، وبالتالي فتكون "الواو" عاطفة لما بعدها على ما قبلها.
والمعنى: (فالله هو الولي، وهو المحيي الموتى، وهو القدير على كل شيء، وهو الحاكم فيما اختلفتم فيه من شيء). ويكون قوله {ذلكم الله ربي} على تقدير "قل" أي قل لهم: {ذلكم الله ربي عليه توكلت وإليه أنيب}.
والثاني: أن يكون هذا مستأنفا متصلا بما بعده من قوله تعالى {ذلكم الله ربي عليه توكلت وإليه أنيب}.
قال ابن عاشور في " التحرير والتنوير " بعد ما ذكر الوجه الأول: [ويجوز أن يكون ابتداءَ كلامٍ مُتَّصِلًا بقوله {ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبِّي عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ} فَتَعَيَّنَ أَنْ يَكُونَ مجموعُ هذا الكلامِ لمتكلم واحد، لأن ضمائر {ربي} و {توكلت}، و {أنيب} ضمائره (= أي ضمائر هذا المتكلم الواحد) وتلك الضمائر لا تصلح أن تعود إلى الله تعالى. ولم يلاحظ في سياق الوحي إلى أحد سوى النبي صلى الله عليه وسلم، فتعين تقدير فعل أمر بـ"قَوْلٍ" يقوله النبي صلى الله عليه وسلم] اهـ وهذا هو الذي قرره أغلب المفسرين.
وعليه فـ"الواو" للاستئناف.
والمعني: (وقل للمؤمنين: ما خالفكم الكفار فيه من أمور الدين ــ كاتخاذ الله تعالى وحده ولياً ــ واختلفتم أنتم وهم {فَحُكْمُهُ} راجع {إِلَى الله} وهو إثابة المحقين وعقاب المبطلين).
{ما} اسم مبني على السكون المديّ في محل رفع على أنه مبتدأ، وتحتمل أن تكون:
1ـ اسم شرط جازم يجزم فعلين: الأول فعل الشرط والثاني جوابه، ومعناها "أي شيء"
2 ـ اسم موصول. ومعناها " الذي ".
{اختلفتم} " اختلف " فعل ماض مبني على الفتحة المقدرة إلى آخر ما مر في " أوحينا " من قوله تعالى فيما سبق {وكذلك أوحينا إليك قرآنا عربيا لتنذر أم القرى ومن حولها ...} وهو في محل جزم على أنه فعل الشرط، وفعل الشرط والجواب إذا كان ماضيا يكون في محل جزم، وجملتهما لا محل لها، وفي ذلك يقول الزواوي في نظمه لـ"قواعد الإعراب ":
واحْكُمْ بهِ لِلْفِعْلِ لاَ لِلْجُمْلَةْ = = فِي نَحْوِ " إِنْ زُرْتُكَ زُرْتُ وُصْلَةْ "
كَذَلِكَ الشَّرْطُ إِذِ الَآتِي جُزِمْ = = فِي عَطْفِهِ عَلَيْهِ قَبْلَ أَنْ تَتِمّْ
جُمْلَتُهُ إِن أُعْمِلَتْ فِي مِثْلْ "إِنْ = = قَامَ وَيَقْعُدْ ذَا الْفَتَى سُرَّ الْحَزِنْ "
و"التاء" ضمير مخاطب، مبني على الضم، في محل رفع على أنه فاعل.
و" الميم " علامة جمع الذكور المخاطبين.
{فيه} جار ومجرور متعلق بـ" اختلفتم ". والضمير عائد على "ما" وهو الرابط.
{من شيء} "من" حرف جر، ومعناها هنا البيان أي بيان الإبهام الواقع في "ما"، و" شيء " مجرور بـ"من"، والجار والمجرور هذا فيه طريقتان:
ـــ الطريقة الأولى هي طريقة الشيخ ك خالد الأزهري في كتابه " إعراب الألفية "، وهي أنه متعلق بمحذوف وجوبا، وهو في محل نصب على أنه حال من اسم الشرط أو الاسم الموصول الذي هو بيان لهما، أو من الضمير الرابط بينهما، وهوهنا الضمير في "فيه".
ـــ الطريقة الثانية هي طريقة الشيخ عبد الرحمن المكودي الفاسي في شرحه المشهور على الألفية، وهي أنه متعلق بفعل الشرط، أو فعل الصلة (= اختلفتم).
وجملة {اختلفتم فيه من شيء} فعليَّةٌ، وتحتمل وجهين:
¥
نام کتاب : ملتقى أهل اللغة نویسنده : مجموعة من المؤلفين جلد : 1 صفحه : 1004