responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الوسطية في القرآن الكريم نویسنده : الصلابي، علي محمد    جلد : 1  صفحه : 465
بالأعراض وما دونها، مما يحرص عليه الإنسان، ويتميز به عن سائر الحيوان بعديد من الأمور:
منها إسناد الأمر والنهي إلى ذاته العليا ترغيبا وترهيبا، ومنها التصريح بلفظ الأمر والنهي: (يأمر، وينهي) أو بصيغتهما: (وأوفوا) (ولا تنقضوا) مع ما أردفه من ذكر الوعظ -وهو النصيحة- ليحرك النفوس إلى الاستجابة، تلطفا منه في الاستدعاء، ومنها تذكيرهم بعلمه المحيط: (وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلاً إِنَّ اللهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ).
ومنها إبراز النكث بالعهود على أبشع صورة، إذ يضرب له مثالا محسوسا يتقرر به النفوس على هيئته المنفردة، المشبهة بمرأة خرقاء تكد في الغزل كدا حتى تبرمه وتحكمه، ثم تعود فتنقضه نقضا وتجعله (أنكاثا) أي طاقات متفرقة، ومنها ختم الآيات بذكر القيامة وهو استخدام للعقيدة في موطنه، ليصل بالتأثير إلى أغوار النفس الإنسانية فتهتز للنصح الإلهي من أعماقها، وتكون في أرجى أحوالها امتثالا واستجابة.
وهكذا ترتفع الأخلاق إلى أعلى المراتب في استمدادها -أمرًا ونهيا-من الله العلي الكبير، فتصبح على مستوى العبادة العليا، وتحشد لها في الآيات كل وسائل التأكيد والتأثير حتى ضرب الأمثال رحمة منه تعالى لعباده، وحرصا على هدايته، واستنقاذهم من سوء الأخلاق، وسوء الأحوال وضمانا لاستقرارهم على وجه طيب في الحياة ... ولذلك ختمت الآيات بهذه المعاني البينة من قوله تعالى:
(وَلاَ تَتَّخِذُوا أَيْمَانَكُمْ دَخَلاً بَيْنَكُمْ فَتَزِلَّ قَدَمٌ بَعْدَ ثُبُوتِهَا وَتَذُوقُوا السُّوءَ بِمَا صَدَدتُّمْ عَن سَبِيلِ اللهِ وَلَكُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ) [النحل: 94].
والمعني:
لا تتخذوا أيمانكم وسيلة للغدر والفساد فتتزلزل قواعد القيم في المجتمع، وتنزلق أقدامكم إلى الشك والحيرة في علاقاتكم تبعا لذلك، بعد أن كانت ثابتة

نام کتاب : الوسطية في القرآن الكريم نویسنده : الصلابي، علي محمد    جلد : 1  صفحه : 465
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست