نام کتاب : الوسطية في القرآن الكريم نویسنده : الصلابي، علي محمد جلد : 1 صفحه : 464
الجوانب، ويرتقي بها الوحي الإلهي إلى ذروة متفردة حين يجعلها دينان وعبادة، ومحلا لثواب الله تعالى؛ أو عقابه الأليم عند المخالفة.
وتأمل معي الآيات القادمات حتى تكون الصورة واضحة في الأذهان قال تعالى: (إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ * وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللهِ إِذَا عَاهَدتُّمْ وَلاَ تَنقُضُوا الأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلاً إِنَّ اللهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ * وَلاَ تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِن بَعْدِ قُوَّةٍ أَنكَاثًا تَتَّخِذُونَ أَيْمَانَكُمْ دَخَلاً بَيْنَكُمْ أَن تَكُونَ أُمَّةٌ هِيَ أَرْبَى مِنْ أُمَّةٍ إِنَّمَا يَبْلُوكُمُ اللهُ بِهِ وَلَيُبَيِّنَنَّ لَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ) [النحل: 90 - 92].
فهذه أربعة من أصول الخير يأمر الله تعالى عباده أن يتخلقوا بها، ويقرنها بأربع من (خلائق السوء) التي تدمر الأفراد والمجتمعات فينهي أشد النهي عها، حتى قال ابن مسعود -رضي الله عنه- عن أول آية (هي أجمع آية في القرآن للخير والشر).
إن الله -عز وجل- أورد هذه الألفاظ الجامعة عل علم وحكمة، فيأمر بالعدل وهو ضد الجور، أو بمعنى الاعتدال والتوسط الجامع لمحاسن الصفات المتعارضة، أما الإحسان فهو مرتبة فوق العدل، إذ يراد به الفضل كأن يعفو عن حقه، أو يأخذ دون أجره، أو يؤثر على نفسه، أو يراد به الإتقان في سلوك الخير، واختيار الأحسن في الأخلاق، وكذلك (إيتاء ذي القربى) كلمة على غاية من الإيجاز والإعجاز فتشمل كل إيتاء كالبذل المالي، والتعهد بالسؤال، والمودة، واللقاء بالبشاشة، وغير ذلك من ضروب العطاء المادي، والمعنوي (والوفاء بالعهد)، خلق أساسي من أخلاق الفرد والجماعة لا تستقيم الحياة إلا به، وهو يدل على الإيمان، كما يدل نقيضه على النفاق والفسوق [1].
وأما الكلمات الموبقات هي: الفحشاء، والمنكر، والبغي، والنقض لم تترك من أمر القبائح شيئا بضروبها الفردية والاجتماعية، وما يتعلق بالنفس أو بالغير، ويتصل [1] انظر: المنهاج القرآني في التشريع (419).
نام کتاب : الوسطية في القرآن الكريم نویسنده : الصلابي، علي محمد جلد : 1 صفحه : 464