نام کتاب : الوسطية في القرآن الكريم نویسنده : الصلابي، علي محمد جلد : 1 صفحه : 463
بحدود الله وحرماته، والتعامل مع الآخرين له أخلاق هي الوفاء بالأمانة ورعاية العهد، والإنفاق له أخلاق هي التوسط بين التقتير والإسراف، والحياة الجماعية لها أخلاق هي أن يكون الأمر شورى بين الناس، والغضب له أخلاق هي العفو والصفح، ووقوع العدوان من الأعداء يستتبعه أخلاق هي الانتصار أي رد العدوان ... وهكذا لا يوجد شيء واحد في حياة المسلم ليست له أخلاق تكيفه ولا شيء واحد ليست له دلالة أخلاقية مصاحبة.
هذا أمر .. والآمر الآخر -وهو الأهم- أن الأخلاق في المفهوم القرآني هي لله وليست للبشر، ولا لأحد غير الله: فالصدق لله، والوفاء بالعهد لله، واتقاء المحرمات في علاقات الجنس لله، والعفو والصفح لله، والانتصار من الظلم لله، وإتقان العمل لله كلها عبادة لله، تقدم لله وحده خشية وتقوى، وتطلعا إلى رضاه، إنها ليست صفقة بشرية للكسب والخسارة، إنما هي صفقة تعقد مع الله [1].
قال تعالى: (قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلاَّ تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَلاَ تَقْتُلُوا أَوْلاَدَكُم مِّنْ إِمْلاَقٍ نَّحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ وَلاَ تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَلاَ تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ* وَلاَ تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ لاَ نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَبِعَهْدِ اللهِ أَوْفُوا ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ * وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) [الأنعام: 151 - 153].
ذلك هو الميثاق الأخلاقي الشامل الذي يلتزم به المؤمن اتباعا لصراط الله المستقيم، فهو إذن جزء من العقيدة، مرتبط بها ارتباطا أساسيا لا ينفصل عنها بحال.
إن الصراط المستقيم هو عين الوسطية إن الأعمال الخلقية تدخل في جميع [1] انظر: دراسات قرآنية، لمحمد قطب (139).
نام کتاب : الوسطية في القرآن الكريم نویسنده : الصلابي، علي محمد جلد : 1 صفحه : 463