نام کتاب : الوسطية في القرآن الكريم نویسنده : الصلابي، علي محمد جلد : 1 صفحه : 461
وفي سورة الرعد نجد العناية بالجانب الأخلاقي في وصف أصحاب العقول: (إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الألْبَابِ * الَّذِينَ يُوفُونَ بِعَهْدِ اللهِ وَلاَ يَنْقُضُونَ الْمِيثَاقَ * وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللهُ بِهِ أَن يُوصَلَ وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَيَخَافُونَ سُوءَ الْحِسَابِ * وَالَّذِينَ صَبَرُوا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلاَةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلاَنِيَةً وَيَدْرَؤُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ أُولَئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ) [الرعد: 19 - 22].
ومع أن معظم الأوصاف هنا أخلاقية -لمناسبة أولى الألباب- مثل الوفاء والصلة والصبر والإنفاق ... لكن الملحوظ فيها أنها ليست مجرد أخلاق (مدنية) وإنما هي أخلاق ربانية أخلاق فيها معنى العبادة والتقوى، فهم إنما يوفون (بعهد الله) وإنما يصلون ما أمر الله به أن يوصل، وهم إنما يفعلون ويتركون لأنهم (وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَيَخَافُونَ سُوءَ الْحِسَابِ) [وهم إنما يصبرون (ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِمْ) فهم في كل أخلاقهم وسلوكهم يرجون الله، ويرجون اليوم الآخر [1].
وخلاصة ما نقوله هنا:
أن العبادة عند المؤمن نوع من الأخلاق؛ لأنها من باب الوفاء لله، والشكر للنعمة، والاعتراف بالجميل، والتوفير لمن هو أهل التوقير والتعظيم، وكلها من مكارم الأخلاق عند الفضلاء من الناس.
من أجل ذلك نجد القرآن يعقب على أوصاف المؤمنين القانتين المطيعين لله بمثل هذه الآيات: (أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ) [البقرة: 177]، (أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ) [الحجرات: 15].
والصدق فضيلة خالصة، وإنما استحقوها -بل جعلت مقصورة عليهم- لأن أعلى مراتب الصدق، وأثبتها وأبقاها هو الصدق مع الله رب العالمين، وإذا كانت العبادة عند المؤمن لونا من الأخلاق المحمودة، فالأخلاق عنده لون من العبادة المفروضة. [1] انظر: العبادة في الإسلام، للشيخ القرضاوي حفظه الله ص (123).
نام کتاب : الوسطية في القرآن الكريم نویسنده : الصلابي، علي محمد جلد : 1 صفحه : 461