نام کتاب : ذكريات نویسنده : الطنطاوي، علي جلد : 1 صفحه : 141
قد ذهب من رفاقي أنا (دَعْ عنك قوافل مرّت من قبلنا) مَن لا أستطيع الآن حصر أسمائهم.
لقد أراد أستاذ أساتذتنا محمد كرد علي أن يشجّع طائفة من شعراء الطلاب من زملائنا، فاختار سنة 1925 أنور العطار وجميل سلطان وزكي المحاسني وعبد الكريم الكرمي (وهو أبوسلمى)، وأقام لهم حفلاً في المَجْمع العلمي بحضور أساتذتنا سليم الجندي وعبد القادر المبارك والداودي والقوّاس والبزم، وألقى الطلاب الأربعة قصائد جِياداً لو نَشَرَ مثلَها الآن مَن يُعَدّ من كبار الشعراء لاستُحسنَت منه، ولا أزال أحفظ مطلع قصيدة أنور وكان عنوانها «الشاعر»:
خَلِّياهُ يَنُحْ على عَذَباتِهْ ... ويَصُغْ من دُموعِهِ آياتِهْ
أين هؤلاء الطلاب الشعراء؟ وأين مَن شجّعهم؟ وأين مَن حضر الاحتفال بهم؟ لقد ذهبوا جميعاً. ذهب أساتذتنا كلهم وذهب الكثير من إخواننا الذي كانوا يقرؤون عليهم، رحمهم الله ورحمنا معهم وختم لنا بالحسنى.
* * *
لقد عشت في هذا المكتب ستّ سنين كانت أحفل سِني حياتي بالعواطف وأغناها بالذكريات، وكانت لنفسي كأيام البناء في تاريخ الدار، لو عاشت الدار بعدها ألف سنة لكانت كلها تَبَعاً لهذه الأيام التي يُرسَم فيها المخطَّط وتُحدّد الغرف ويُرسى الأساس. فكيف أُدخِل ستّ سنين بطولها وعرضها في عشر دقائق (هي مدّة قراءة هذا الفصل)؟ كيف أجمع البحر في كأس وأحصر
نام کتاب : ذكريات نویسنده : الطنطاوي، علي جلد : 1 صفحه : 141