responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : ذكريات نویسنده : الطنطاوي، علي    جلد : 1  صفحه : 140
إنني لم أرَ (وقد رأيت آلافاً من الكتب) غلافَ كتاب هو أقبح شكلاً وأبعد عن الذوق من غلاف «مكتب عنبر» الذي أخرجَته المطبعة الكاثوليكية في بيروت ... ومع ذلك فقد ترك مطابع الشام ومطابع مصر واختارها!
أقول: إن «مكتب عنبر» كان الثانوية المركزية في سوريا، كان مدرسة وهو في الحقيقة أكبر من مدرسة، كان منبع الوطنية، كان منار العلم، عاش من أواخر القرن الذي مضى إلى أوائل الحرب الثانية وهو يضمّ جمهرة المتعلمين في الشام، فكان يمرّ عليه كل واحد منهم، يدخل إليه ثم يخرج منه فيعلو في مدارج الحياة أو يغوص في أوحالها، حتى ما تكاد تجد كبيراً في دمشق ولا ذا منصب ولا نابغاً في علم أو فنّ إلاّ وقد جاز يوماً بمكتب عنبر.
كان من تلاميذه رجالٌ لو عاشوا إلى الآن لكان عمر أصغرهم مئة سنة، أولئك الذين ندعوهم رجال الرعيل الأول. وتسلسلَت القوافل من بعدهم تجوز كلها بهذه الواحة الظليلة، تستمتع بزهرها وتجتني من ثمرها قبل أن توغل في صحراء الحياة.
فإذا أردتم أن تنشقوا الآن رَيّاها وتتعلّلوا -بعد فقدها- بذكراها ففتّشوا كل مَن تلقونه من روادها، علّ معه نفحة من وردها أو لمحة من عهدها. سائلوهم جميعاً عن «مكتب عنبر»، فإن لدى كل واحد منهم طرفاً من حديثه وفصلاً من تاريخه، فأمسكوا بأطراف الأحاديث تجِئ في أيديكم فصول الكتاب. وهيهات هيهات، بعدما فات منها ما فات ومات منهم من مات!

نام کتاب : ذكريات نویسنده : الطنطاوي، علي    جلد : 1  صفحه : 140
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست