المبحث الخامس: عتبة يعرض على الرسول صلى الله عليه وسلم المناصب والمال والنساء
72 - من حديث جابر بن عبد الله: قال: "اجتمعت قريش للنبي - صلى الله عليه وسلم - يومًا، فقالوا: انظروا أعلمكم بالسحر والكهانة والشعر، فليأت هذا الرجل الذي قد فرق جماعتنا، وشتت أمرنا، وعاب ديننا، فليكلمه، ولينظر ما يرد عليه.
قالوا: ما نعلم أحدًا غير عتبة بن ربيعة.
قالوا: أنت يا أبا الوليد، فأتاه عتبة، فقال: يا محمَّد أنت خير أم عبد الله؟
فسكت النبي - صلى الله عليه وسلم -، قال: أنت خير أم عبد المطلب؟ فسكت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، قال: فإن كنت تزعم أن هؤلاء خير منك، قد عبدوا الآلهة التي عبت، وإن كنت تزعم أنك خير منهم فتكلم حتى نسمع قولك، أما والله ما رأينا سخطة أشأم على قومك منك، فرقَّت جماعتنا، وشَتَّتتَ أمرنا، وعبت ديننا، وفضحتنا في العرب، حتى طار فيهم أنَّ في قريش ساحرًا، وأن في قريش كاهنًا، ما ينتظر إلا مثل صيحة الحبلى بأن يقوم بعضنا لبعض بالسيوف حتى نتفانى.
أيها الرجل، إن كان إنما بك الحاجة جمعنا لك من أموالنا حتى تكون أغنى قريش رجلًا، وإن كان إنما بك الباءة فاختر أي نساء قريش فنزوجك عشرًا.
فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أفرغت، قال: نعم، قال: فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: {حم (1) تَنْزِيلٌ مِنَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} حتى بلغ: {فَإِنْ أَعْرَضُوا فَقُلْ أَنْذَرْتُكُمْ صَاعِقَةً مِثْلَ صَاعِقَةِ عَادٍ وَثَمُودَ} فقال عتبة: حسبك ما عندك غير هذا. قال: لا.
فرجع إلى قريش، فقالوا: ما وراءك. فقال: ما تركت شيئًا أرى أنكم تكلمونه به إلا كلمته، قالوا: هل أجابك، قال: نعم، قال: والذي نصبها بنية ما فهمت شيئًا مما قال غير أنه قال: أنذرتكم صاعقة مثل صاعقة عاد وثمود، قالوا: ويلك يكلمك بالعربية، فلا تدري ما قال.
= ومعنى يرقي: من الرقية، وهي العوذة التي يرقى بها صاحب الآفة.
والمراد بالريح هنا: الجنون، ومس الجنون ومس الجن.
وقوله فهل لك؟: أي فهل لك رغبة في رقيتي، وهل تميل إليها؟
قاموس البحر: وسطه، وقال ابن دريد: لجته.