ثم عاد من الغد لمثلها، فضربوه وثاروا إليه، فأكب العباس عليه" [1].
وقد جاءت قصة إسلامه مبسوطة أكثر عند مسلم [2] من حديث عبد الله بن الصامت، وفيها زيادات كثيرة، فانظر التوفيق بين الروايتين في فتح الباري [3] للحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى.
3 - إسلام ضماد الأزدي
71 - من حديث ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: "إن ضمادًا قدم مكة، وكان من أزد شنوءه، وكان يرقى من هذه الريح، فسمع سفهاء من أهل مكة يقولون: إن محمدًا مجنون، فقال: لو أني رأيت هذا الرجل لعل الله يشفيه على يدي، قال: فلقيه، فقال: يا محمَّد، إني أرقي من هذه الريح، وإن الله يشفي على يدي من شاء، فهل لك؟
فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (إنَّ الحمد لله، نحمده ونستعينه، من يهده الله فلا مضلَّ له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأنَّ محمدًا عبده ورسوله. أما بعد)
قال: "فقال: أعد عليَّ كلماتك هؤلاء، فأعادهن عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثلاث مرات قال: فقال: لقد سمعت قول الكهنة، وقول السحرة، وقول الشعراء، فما سمعت مثل كلماتك هؤلاء، ولقد بلغن قاموس البحر. قال: فقال: (هات يدك أبايعك على الإِسلام)، قال: فبايعه، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (وعلى قومك)، قال: وعلى قومي.
قال: فبعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سرية فمروا بقومه، فقال صاحب السرية للجيش: هل أصبتم من هؤلاء شيئًا؟ فقال: رجل من القوم: أصبت منهم مطهرة، فقال: ردها فإنَّ هؤلاء قوم ضماد [4]. [1] رواه البخاري في مناقب الأنصار، باب إسلام أبي ذر، رقم: 3861، فتح البارى: 7/ 173، ورواه مسلم في كتاب "فضائل الصحابة" باب فضائل أبي ذر رقم: 2474. [2] رواه مسلم كتاب "فضائل الصحابة" باب فضائل أبي ذر، رقم: 2474. [3] فتح الباري: 7/ 174 - 275، مناقب الأنصار، باب إسلام أبي ذر، رقم: 3861. [4] رواه مسلم في كتاب الجمعة، باب تخفيف الصلاة والخطبة، رقم: 868، ورواه أحمد في المسند: 1/ 302، 350،393، 432، 3/ 371، والحاكم: 3/ 54 - 55 وصححه، ووافقه الذهبي، وابن سعد: 1/ 299، وسنده قوي، وابن هشام: 2/ 573 - 575، والفتح الرباني: 21/ 208. =