نام کتاب : شرح الأصول الثلاثة المختصر نویسنده : الحازمي، أحمد بن عمر جلد : 1 صفحه : 8
(وَمَعْرِفَةُ نَبِيِّهِ) هذا الجزء الثاني من العلم العيني الذي أراده المصنف رحمه الله تعالى، (وَمَعْرِفَةُ نَبِيِّهِ) معرفة مرادفة العلم والعلم هو الإدراك المطلق، (نَبِيِّهِ) ولم يقل رسوله لأنهما مترادفان في هذا الموضع، وإن كان المشهور عند أهل العلم أن النبي أعمّ من الرسول، فكل رسول نبي من غير عكس، (وَمَعْرِفَةُ نَبِيِّهِ) أطلق النبي هنا والمراد به خاتم الأنبياء والمرسلين وهو محمد - صلى الله عليه وسلم -، والإضافة هنا للعهد (وَمَعْرِفَةُ نَبِيِّهِ) يعني نبي هذه الأمة وهو محمد - صلى الله عليه وسلم -، وكما تأتي (أل) للعهد كذلك تأتي الإضافة للعهد فيكون المعهود هو ما أريد بالإضافة، فإن الواسطة بيننا وبين الله تعالى في تبليغ رسالة الله إلينا هو محمد - صلى الله عليه وسلم -، ومعرفته فرض عينٍ على كل مكلف، ويقال في المعرفة هنا ما قيل في المعرفة السابقة، لأن كفار ومشركِي العرب وبعض اليهود يعرفون محمد - صلى الله عليه وسلم - لكن هذه المعرفة لم تستلزم قبول ما جاء به من الشرع والحكم بشرعه والتحاكم إليه، فنقول: هذه المعرفة وجودها وعدمها سواء، وإنما المعرفة التي أوجب الله عز وجل إيقاعها في قلب العبد هي المعرفة التي تستلزم قبول ما جاء به النبي - صلى الله عليه وسلم -. (وَمَعْرِفَةُ نَبِيِّهِ) قال الله تعالى: {فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجاً مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيماً} [النساء: 65]، وقال تعالى: {فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً} [النساء: 59] فأوجب طاعة النبي - صلى الله عليه وسلم - طاعةً مطلقة لأنها تابعة لطاعة الله عز وجل، فمن أطاع الرسول فقد أطاع الله، وأما من ادَّعَى محبة الرب جل وعلا ومعرفته ولم يُطِع رسوله حينئذٍ نقول: تلك المعرفة وتلك المحبة ناقصةٌ أو معدومة. إذًا (وَمَعْرِفَةُ نَبِيِّهِ) المعرفة التي تستلزم قبول ما جاء به من الْهُدَي ودين الحق وتصديقه فيما أخبر وامتثال أمره فيما أمر واجتناب ما نهى عنه وزجر تحكيم شريعته والرضا بحكمه كما ذكرنا في الآيات السابقة.
نام کتاب : شرح الأصول الثلاثة المختصر نویسنده : الحازمي، أحمد بن عمر جلد : 1 صفحه : 8