وسبق معنا مرارًا أنه لا يجوز العمل بالحديث الضعيف مطلقًا لا في الأحكام، ولا في فضائل الأعمال، واقتصر على البسملة لأنها من أبلغ الثناء والذكر وللخبر، وكان - صلى الله عليه وسلم - يقتصر عليها في مراسلاته، إذًا سنة فعلية ثابتة وهذا في ((صحيح البخاري))، وأما سنة القولية فلا، فكأنه أجراه مُجرى الرسائل إلى أهل العلم، وإذا نظرت إلى عادة المصنف في نفسه له عادةٌ هو أنه يباشر الناس بالفائدة وهذا ما يُعَنْوِنُ له البعض بأنه ترك التشهد والحمد تعجيلاً للفائدة، تعجيلاً للفائدة يعني مباشرة بدلاً من أن يقلب صفحة وصفحتين وثلاث وقد يمل ما يقرأ وخاصة العوام وأشباه العوام، حينئذٍ يبدأ له مباشرة (((كتاب التوحيد))) - انتبه - (((كتاب التوحيد)))، (بسم الله الرحمن الرحيم، ((كتاب التوحيد))). إذًا هذا فيه تعجيلٌ للفائدة، وهذا قد قيل في شرح ((الآجرومية)) لماذا قال: (بسم الله الرحمن الرحيم الكلام هو اللفظ) .. إلى آخره، ما ذكر خطبة؟ فنصُّوا هناك الشراح أنه تعجيلٌ للفائدة ترك الخطبة، هنا يقال كذلك، وقيل: والسِّرّ في ذلك، وهذا توجيه لبعض المعاصرين ولا بأس بذكره وإن كان فيه نوع .. ، والسِّرّ في ذلك أن التوحيد الذي سيبنيه، الشيخ محمد رحمه الله في هذا الكتاب، هو توحيد الله جل جلاله. إذًا ماذا ستكتب؟ قال: توحيد، وهذا توحيد الله، إذًا عظيم، إذًا هو عظيم، في معنى، أن التوحيد الذي سيبنيه الشيخ رحمه الله في هذا الكتاب هو توحيد الله جل جلاله، وتوحيد الله بيَّنه الله جل وعلا في القرآن، نعم القرآن كله من أوله إلى آخره في التوحيد كما سيأتي تنصيص ذلك عن ابن القيم رحمه الله تعالى ووجه، وتوحيد الله بيَّنه الله جل وعلا في القرآن فكان من الأدب في مقام التوحيد أن لا يجعل فاصلاً بين الحق والدال على الحق. ما هو الحق؟ التوحيد، وما هو الدال؟ الله عز وجل، حينئذٍ من الأدب ألا يقول: الحمد لله .. إلى آخره، لئلا يقع فاصلاً بين الحق وبين دال الحق. لكن نقول: هذا فيه نظر، لأنه إذا كان هذا أدب حينئذٍ سائر الأمة قد جعلوا مقدمات في السنن، وقد جعلوا مقدمات في التفاسير، فكيف نقول: هذا موافقٌ للأدب وهذا لغيره؟ بل الصواب نقول: الإمام رحمه الله تعالى له عادة وهي أنه يخاطب العامة والعلماء. ومن فوائد مخاطبة العامة والعلماء وأشباه العامة تعجيل الفائدة لهم، حينئذٍ لا نحتاج إلى مقدمة ولا .. إلى آخر ما يذكره المؤلفون، وهذا فيه نظر كما ذكرناه.