لا ينحصر في قولهم: "يحرم كذا" لما صرحوا في مواضع أخر أنه كفر، وقولهم: "يكره"، كقوله تعالى: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ إِيَّاهُ} [1] إلى قوله: {كُلُّ ذَلِكَ كَانَ سَيِّئُهُ عِنْدَ رَبِّكَ مَكْرُوهاً} [2]. وأما كلام الإمام أحمد في قوله: "أكره كذا"، فهو عند أصحابه على التحريم.
إذا فهمت هذا، فهم صرحوا أن الذبح للجن مرة تخرج، وقالوا: الذبيحة حرام ولو سمى عليها; قالوا: لأنها يجتمع فيها مانعان: الأول: أنها مما أُهل به لغير الله، والثاني: أنها ذبيحة مرتد، والمرتد لا تحل ذبيحته وإن ذبحها للأكل وسمَّى عليها. وما أشكل عليك في هذا، فراجعني، وأذكر لك لفظهم بعينه.
السابعة: إذا دعاه إمام أو نائبه، فالأئمة مجمعون من [3] كل مذهب على أن من تغلب على بلد أو بلدان، له حكم الإمام في جميع الأشياء، ولولا هذا ما استقامت الدنيا، لأن الناس من زمن طويل قبل الإمام أحمد إلى يومنا هذا، ما اجتمعوا على إمام واحد، ولا يُعرف أن أحدًا من العلماء ذكر أن شيئًا من الأحكام لا يصح إلا بالإمام الأعظم. وقولك: هل يجب عليك، فنعم، يجب على كل من قدر عليه، وإن لم يفعل أثم. ولكن أعداء الله يجعلون هذه الشبهة حجة في رد ما لا يقدرون على جحده، كما أني لما أمرت برجم الزانية، قالوا: لا بد من إذن الإمام، فإن صح كلامهم لم يصح، ولا يتهم القضاء ولا الإمامة ولا غيرها. [1] سورة الإسراء آية: 23. [2] سورة الإسراء آية: 38. [3] في طبعة الأسد: (في) ، وكذا في طبعة أبا بطين.