وتختلف الحسنات والسيئات باختلاف طبقتي الجينية اللتين سبق أن تحدثنا عنهما، وهما طبقتا الخاصة والعامة على ما يشبه في الفكر الإسلامي الأثر القائل: حسنات الأبرار سيئات المقربين.
فما يجوز للعامة لا يجوز صدوره من الخاصة، ويطلب من العامة الخلق الحسن، وعمل الحسنات، ويكافئون عليها بما يضمن حياة أو حيوات طيبة، أما النجاة فالسبيل إليها شاق عسير، وهي من خصائص الخاصة.
النجاة وسبل الوصول إليها: النجاة هي غاية الكون، وهي التطهر من أوساخ العواطف والشهوات الحيوانية، والتخلص من قيود الحياة، ومن تكرار المولد والموت، وهي التمسك بالخير، والتخلي عن ارتكاب الشر، والنجاة طور من الوجود، يختلف عن أطوار الحياة الدنيا الفانية، وهي الفوز بالسرور الخالد الذي لا يشوبه ألم ولا حزن ولا هم، ولا تكون للأرواح الناجية مطامع خاصة ولا أهداف تستميلها، والشخص الناجي ليس بذي جسم مادي، وليس بطويل ولا قصير، ولا لون له، يحيط بكل شيء، مطلق من جميع القيود، يكون دائمًا في سرور وطمأنينة واستقرار ونعيم مقيم، مكانه فوق الخلاء الكوني، وليس للنجاة نهاية، فهي أبدية سرمدية ولا تحصل النجاة إلا بعد عبور المرحلة البشرية بما فيها من عوائق ومتاعب، ولا نجاة بالمعنى الحقيقي إلا للبشر كما قال مهاوير في وصفه للحياة والنجاة، ولا توصف النجاة بوصف نعلمه، ولا بحال نعقله.
والسبيل إلى النجاة شاق عسير كما قلنا من قبل، ولا يطمع فيها إلا الخاصة من الرهبان، وللوصول للنجاة يتحتم على الناسك ألا يوقع أذى بإنسان أو حيوان، وعليه أن يدرك أن احترام الحياة أقدس ما عني به مهاوير، وعلى هذا يحرم عليه قتل