قالوا: القول قول الكسائي، ولم ينطقوا بالنصب، وإن سيبويه قال: يحيى مُرهم أن ينطقوا بذلك، فإن ألسنتهم لا تُطَوَّع به"، ثم قال ابن هشام: "فإذا هو إياها إن ثبت، فخارج عن القياس، واستعمال الفصحاء كالجزم بلن، والنصب بلَم، والجر بلعل، وسيبويه وأصحابه لا يلتفتون لمثل ذلك، وإن تكلم به بعض العرب" انتهى.
مما رجح فيه رأي الكوفيين
سبق أن ذكرنا قول أبي حيان: "ولسنا متعبدين بقول نحاة البصرة"، وعبارة أبي حيان بتمامها كما جاءت في (البحر المحيط) وفي (النهر الماد) بهامش (البحر المحيط)، وكلاهما لأبي حيان قال: "ولسنا متعبدين بقول نحاة البصرة، ولا غيرهم ممن خالفهم، فكم حكم ثبت بنقل الكوفيين من كلام العرب لم ينقله البصريون، وكم حكم ثبت بنقل البصريين لم ينقله الكوفيون، وإنما يعرف ذلك من له استبحار في علم العربية لا أصحاب الكنانيس، المشتغلون بدروب من العلوم الآخذون عن الصحف دون الشيوخ" انتهى.
وقد قال أبو حيان هذه المقولة في مسألة من مسائل الخلاف بين النحويين البصريين والكوفيين، وهي مسألة عطف الاسم الظاهر على الضمير المجرور من غير إعادة الجار، وهي من المسائل القليلة التي رجح فيها المذهب الكوفي على المذهب البصري، فقد ذهب البصريون إلى أن الاسم الظاهر لا يجوز عطفه على الضمير المجرور إلا بعد إعادة الجار، فيقال: مررت بك وبزيد، وهذا كتابك وكتاب عمرو، كما في قوله تعالى: {فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ} (فصلت: 11)، وكما في قوله