تعالى: {وَعَلَيْهَا وَعَلَى الْفُلْكِ تُحْمَلُونَ} (المؤمنون: 22)، فإن جاء في الكلام عطف الاسم الظاهر على الضمير المجرور دون إعادة الجار؛ كان ذلك قبيحًا عند البصريين، لقول سيبويه -رحمه الله- في (الكتاب): "ومما يقبح أن يَشْرَكَه المظهر علامة المضمر المجرور، وذلك قولك: مررت بك وزيد، وهذا أبوك وعمرو، كرهوا أن يشرك المظهر مضمرًا داخلًا فيما قبله" انتهى.
وذهب الكوفيون إلى جواز عطف الاسم الظاهر على الضمير المجرور من غير إعادة الجار، واختار مذهبهم بعض المتأخرين، ومنهم أبو حيان معللًا اختياره هذا المذهب بقوله: "لوقوعه في كلام العرب كثيرًا شعرًا ونثرًا" انتهى. فمن الشعر قول الشاعر:
فاليوم قربت تهجونا وتشتمنا ... فاذهب فما بك والأيامِ من عجل
فقوله: "والأيام" عطف على الضمير المجرور في بك، ومنه قول الشاعر:
إذا أوقدوا نارًا لحرب عدوهم ... فقد خاب من يصلى بها وسعيرها
فسعيرها مجرور عطفًا على الضمير في بها دون إعادة الجار، ومنه قول الشاعر:
نعلق في مثل السواري سيوفنا ... وما بينها والكعب غُوطٌ نَفَانِف
فعطف الاسم الظاهر على الضمير المجرور في بينها دون إعادة الجار، ومن النثر قول بعض العرب: ما فيها غيره وفرسه، بجر فرسه عطفًا على الضمير في غيره، دون إعادة الجار، ومنه قول رسول الله -صلى الله عليه وسلم: ((إنما مثلكم واليهود والنصارى)) بجر اليهود والنصارى عطفًا على الضمير في قوله: ((مثلكم)) دون إعادة الجار. ولما كثر في كلام العرب شعرًا ونثرًا عطف الاسم الظاهر على الضمير المجرور من غير إعادة الجار، أجاز بعض معربي القرآن الكريم -ومنهم أبو حيان رحمه الله-