فأهدى لك هديه فقال لك: (وَهَاْكَ فِيْهِ). (وَهَاْكَ) هذا اسم فعل أمر، أي: خذ. (فِيْهِ)، أي: في تحصيل علم النحو الذي بينت لك فائدته في البيت السابق (وَهَاْكَ فِيْهِ) منظومة مسماة بالـ (دُرَّةً يَتِيْمَةْ) (وَهَاْكَ فِيْهِ دُرَّةً يَتِيْمَةْ) منظومة درة يتيمة، درة هذا مفعول به، درة بمعنى اللؤلؤة والجمع دُرٌّ ودُرَّاتٌ وَدُرَر، واليتيم من كل شيء المفرد الذي لا نظير له فكأنه قال لك: هذه لؤلؤة يتيمة. أي: لا نظير لها فيما يعينك على فهم فن النحو، (أَرْجُو لَهَا) أي: من الله جل وعلا أو من القارئ يحتمل الأمرين، (حُسْنَ الْقَبُولِ)، أي: القبول الحسن. (حُسْنَ الْقَبُولِ) هذا من إضافة الموصوف إلى صفته، أي: القبول الحسن. (قِيْمَةْ) قيمة الشيء قدره، وقيمة المتاع ثمنه، وكتاب قيم، أي: ذو قيمة.
إذًا يسأل الله جل وعلا أو يرجو من الطالب أن يكون هذا الكتاب قد نال القبول من الله جل وعلا بالثواب وحلول البركة فيه، ومن الطالب بالانكباب عليه وحفظه وتفهمه.
[نعم].
.
قال رحمه الله:
(بَابُ حَدِّ الْكَلامِ وَالْكَلِمَةِ وأقسامهما)
(بَابُ حَدِّ الْكَلامِ) الترميز عند العلماء له حكمة وفائدة وهو: أن الطالب كلما أنهى بابًا قد نشط في طلب غيره. ولذلك قيل: عندما تكون الطريق مقدرة في السفر كانت أنفس للمسافر. إذا علم أن الطريق هذا ثلاثمائة كيلو مثلاً أنشط في السير مما لو جهل مقدار الطريق، فعندما يرى الطالب أن هذا الباب قد اشتمل على خمسة أبيات وحفظها، ثم شرع في باب آخر يكون أنشط على المواصلة في التحصيل، وهذا هو السر العظيم فيما قد انكب العلماء سلفًا وخلفًا على تأليف مختصرات في الفنون، لذلك كلما عزف الطلاب عن المتون المختصرة قد تخبط خبط عشوائي، لماذا؟ لأنه لم يسلك الطريقة التي رسمها له العلماء السابقين واللاحقين، ولذلك تجد الجويني رحمه الله تعالى وهو إمام من أئمة الأصوليين وهو صاحب كتاب ((البرهان)) الذي خالف فيه ابن السبكي لم يؤلف في الإسلام مثله، وهو مطبوع في مجلدين مع ذلك تجده قد كتب رسالة ((الورقات))، لو وضعت الورقات بجوار ((البرهان)) لرأيت الفرق بينهما شاسع، لِمَ ألف ((البرهان)) ولِمَ ألف ((الورقات))؟ ليكون الطالب على خطط وسير ما سار عليه العلماء السابقين، إذًا التبويب هذا له حكمة، بل تأليف المختصرات هذه لها حكمة فلا ينبغي لطالب العلم أن يُهمل هذه الفائدة.
(بَابُ حَدِّ الْكَلامِ وَالْكَلِمَةِ)، (بَابُ) هذا خبر لمبتدأ محذوف، أي: هذا باب حد الكلام، (بَابُ) نقول: هذا خبر لمبتدأ محذوف. ويجوز أن يكون مبتدأً خبره محذوف، (بَابُ حَدِّ الْكَلامِ) هذا محله والجملة تكون خبرًا، وهذا أحسن أن يكون مرفوعًا ومن صورة الأُولى أَولى من الثاني أن يكون خبرًا لمبتدأ محذوف، وجوز بعضهم النصب، وبعضهم الرفع، بابَ حد الكلام على أنه مفعول به لفعل محذوف، اقرأ بابَ حد الكلام، وبعضهم وهم الكوفيون جوزوا جره لأنه من قواعدهم أنه يجوز حذف حرف الجر وإبطال عمله، والكوفيون والبصريون على المنع.
(بَابُ حَدِّ الْكَلامِ) الباب لغةً: المدخل للشيء.
واصطلاحًا عندهم: ألفاظ مخصوصة دالة على معاني مخصوصة.