قصر [1].
وقد كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يتحمل كثيراً في العبادة، ويتلذذ بها، وربما يقوم في صلاة الليل حتى تتفطَّرَ قدماه، فتقول له عائشة رضي الله عنها: يا رسول الله، لم تصنع هذا وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟ فيقول: ((أفلا أكون عبداً شكوراً)) [2].وقد ثبت عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه قرأ في ركعة واحدة من قيام الليل: سورة البقرة، والنساء، وآل عمران [3]،ورآه حذيفة - رضي الله عنه - يصلي أربع ركعات من الليل قرأ فيهن: البقرة، وآل عمران، والنساء، والمائدة أو الأنعام [4].
وقالت عائشة رضي الله عنها عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((كان يصلي إحدى عشرة ركعة، كانت تلك صلاته - تعني بالليل - فيسجد السجدة من ذلك قدر ما يقرأُ أَحَدُكُم خمسين آية قبل أن يرفع رأسه)) [5].
وقد كان - صلى الله عليه وسلم - يرتاح لذلك ولا يملُّ من عبادة ربه - عز وجل -؛ بل كانت الصلاة قُرَّةَ عينه، فعن أنس - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((حُبّبَ إليّ النساء والطيب، وجُعِلت قُرَّةُ عيني في الصلاة)) [6]. وكانت الصلاة راحته، فعن سالم بن أبي الجعد قال: قال رجل: ليتني صليت واسترحت، فكأنهم عابوا عليه ذلك، فقال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: ((يا بلال أقم الصلاة أرحنا بها)) [7]. [1] سمعته من سماحته أثناء تقريره على الحديث رقم 1261 من منتقى الأخبار لابن تيمية. [2] متفق عليه: البخاري، برقم 4836/ 4837، ومسلم، برقم 2819، 2820 من حديث عائشة والمغيرة رضي الله عنهما وتقدم تخريجهما. [3] مسلم، برقم 772، وتقدم تخريجه. [4] أبو داود، برقم 873، والنسائي، برقم 1049، وتقدم تخريجه. [5] البخاري، كتاب الوتر، باب ما جاء في الوتر، برقم 994. [6] النسائي، كتاب عِشرة النساء، باب حب النساء، برقم 3904، وأحمد، 3/ 128، وصححه الألباني في صحيح النسائي، 3/ 827. [7] أبو داود، كتاب الأدب، باب ما جاء في العتمة، برقم 4985، ورقم 4986، وصححه الألباني في صحيح سنن النسائي، 3/ 941.