وقال الإمام الطبري-رحمه الله- في قول الله تعالى: {أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ الليل سَاجِدًا وَقَائِمًا} [1] هو في هذا الموضع قراءة القارئ قائماً في الصلاة ... وقال آخرون: هو الطاعة، والقانت المطيع)) [2].
وقال ابن كثير - رحمه الله -: {أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ الليل سَاجِدًا وَقَائِمًا} أي في حال سجوده وفي حال قيامه، ولهذا استدل بهذه الآية من ذهب إلى أن القنوت هو الخشوع في الصلاة ليس هو القيام وحده كما ذهب إليه آخرون، وقال ابن مسعود - رضي الله عنه - القانت المطيع لله - عز وجل - ولرسوله - صلى الله عليه وسلم -)) [3].
واختار شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله -: أن تطويل الصلاة قياماً وركوعاً وسجوداً أولى من تكثيرها قياماً وركوعاً وسجوداً [4].
وسمعت الإمام عبد العزيز بن عبد الله بن باز - رحمه الله - يقول: ((قد تنازع أهل العلم في أيهما أفضل: طول القيام مع قلة السجود، أو كثرة السجود مع قصر القيام، منهم من فضل هذا ومنهم من فضل هذا، وكانت صلاة الرسول - صلى الله عليه وسلم - معتدلة إن أطال القيام أطال السجود والركوع، وإن قصر القيام قصر الركوع والسجود، وهذا أفضل ما يكون)). وذكر - رحمه الله - أن الأفضل أن يصلي المسلم ما يستطيع، حتى لا يمل، فإذا
ارتاحت نفسه للتطويل أطال، وإن ارتاحت نفسه للتقصير قصر إذا رأى أن التقصير أخشع له وأقرب إلى قلبه وراحة ضميره وتلذذه بهذه العبادة، وكلما كثرت السجدات كان أفضل، فإن استطاع المسلم ذلك فالأفضل طول القيام مع كثرة الركوع والسجود يجمع بين الأمرين، وهي صلاة معتدلة إن أطال القيام أطال الركوع والسجود وإن قصر [1] سورة الزمر، الآية: 9. [2] جامع البيان عن تأويل آي القرآن، 1/ 267. [3] تفسير القرآن العظيم لابن كثير، 4/ 48. [4] فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية، 23/ 71، وقد فصل في ذلك من 23/ 69 - 83، وذكر أن جنس السجود أفضل من جنس القيام من اثني عشر وجهاً، ثم ذكر هذه الوجوه بالأدلة تفصيلاً.