المبحث الثالث: سنن الفطرة
الفطرة المقصودة في هذا المبحث: هي السُّنَّة عند أكثر أهل العلم.
قالوا: والمعنى: إنها من سنن الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، ولا شكَّ أنّ بعض الخصال واجبة وبعضها مُستحبة، ولا يمتنع قرن الواجب بغيره [1]، ومن هذه الخصال ما يلي:
1 - الختان: وهو قطع جميع الجلدة التي تُغطّي حشفة الرجل حتى تنكشف جميع الحشفة، وأما المرأة فَيُقطع الجزء الأعلى من اللَّحمة التي كالنَّواة، وهي تُشبه عُرف الدّيك، وهي في أعلى الفرج فوق محل الإيلاج، ويُستحبُّ أن لا تُؤخذ كُلُّها؛ لأنَّ المقصود تقليل شهوتها [2]؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم - لبعض الختَّانات في المدينة: ((إذا خفضت [3] فأشمّي [4] ولا تنهكي [5] فإنه أسرى للوجه وأحظى عند الزوج)) [6].
والختان يجب على الرجال، ويُستحب في حق النساء على الصحيح من أقوال أهل العلم [7]؛ ولهذا ((اختتن إبراهيم - عليه السلام - وهو ابن ثمانين سنة [1] انظر: شرح النووي على صحيح مسلم، 3/ 148، وفتح الباري، 10/ 340، والنهاية في غريب الحديث والأثر لابن الأثير، 3/ 457، والمغني لابن قدامة 1/ 114، ومعالم السنن، 6/ 101. [2] انظر: المراجع السابقة، نفس الجزء والصفحة، والروض المربع بحاشية ابن القاسم، 1/ 160، والشرح الممتع، 1/ 134. [3] الخفض للنساء كالختان للرجال، انظر: النهاية في غريب الحديث، 2/ 54. [4] شبه القطع اليسير بإشمام الرائحة، والنهك بالمبالغة فيه؛ أي اقطعي بعض النواة ولا تستأصليها، النهاية، 2/ 503، و5/ 137. [5] أي: لا تبالغي في استقصاء الختان. النهاية في غريب الحديث، 5/ 137. [6] أخرجه الخطيب البغدادي في تاريخه، (5/ 327، 328)، والطبراني في الأوسط، واللفظ للطبراني، وذكره الهيثمي في المجمع، 5/ 175، وقال: رواه الطبراني في الأوسط، وإسناده حسن، وذكر الألباني له طرقاً كثيرة، وقال: وبالجملة فالحديث بهذه الطرق والشواهد صحيح، والله أعلم. انظر: سلسة الأحاديث الصحيحة، 2/ 357. وعند أبي داود بلفظ: ((لا تنهكي، فإن ذلك أحظى للمرأة وأحب إلى البعل)) في كتاب الأدب، باب ما جاء في الختان، برقم 5271. [7] انظر: المغني لابن قدامة، 1/ 115، والشرح الممتع، 1/ 133، وشرح النووي، 3/ 148، والفتح، 10/ 340، وشرح العمدة، ص243. وهو الذي يفتي به شيخنا العلامة ابن باز.