وكذلك إذا تيقَّن الحدث وشكَّ في زواله بنى على ما تيقّنه، وإذا شكَّ في عدد الركعات، أو الأطواف، أو الطلقات بنى على اليقين وهو الأقل، وهذه قاعة عظيمة وهي استصحاب الحال المعلوم واطّراح الشكّ [1]؛ ولهذا قال - صلى الله عليه وسلم -، للرجل الذي يُخيَّل إليه أنه يجد الشيء في الصلاة: ((لا ينصرف حتى يسمع صوتاً أو يجد ريحاً)) [2].
الرابع عشر: وجميع الأواني مباحة؛ لأن الأصل فيها الإباحة [3] إلا ما خصَّه الدليل بالتَّحريم، كآنية الذَّهب والفضّة وما فيه شيء منهما - إلا الضبَّة اليسيرة من الفضة في الإناء للحاجة [4] -؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: ((لا تشربوا في آنية الذهب والفضة ولا تأكلوا في صحافهما فإنها لهم في الدنيا ولكم في الآخرة)) [5]. [1] انظر: شرح العمدة ((كتاب الطهارة)) لابن تيمية، ص83، ومنهج السالكين وتوضيح الفقه في الدين لعبد الرحمن السعدي، ص6. [2] متفق عليه: أخرجه البخاري في كتاب الوضوء، باب من لا يتوضأ من الشك حتى يستيقن، برقم 237، ومسلم في كتاب الحيض، باب الدليل على أن من تيقن الطهارة ثم شك فله أن يصلي بطهارته تلك، برقم 361. [3] حتى آنية الكفار سواء كانوا من أهل الكتاب أو من غيرهم؛ لأن الله أحل لنا ذبائح أهل الكتاب؛ ولأن النبي - صلى الله عليه وسلم - أكل من الشاة المسمومة التي أهديت له في خيبر، واستعمل الماء من مزادة امرأة مشركة، وأما حديث أبي ثعلبة عند البخاري، برقم 5496، ومسلم، برقم 1930: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((لا تأكلوا فيها إلا أن لا تجدوا غيرها فاغسلوها وكلوا فيها))، فرجح سماحة شيخنا ابن باز رحمه الله تعالى أن الأمر بالغسل للاستحباب، إلا إذا رأى المسلم أثر الخمر أو لحم الخنزير في الإناء وجب عليه أن يغسله. وانظر: الشرح الممتع، 1/ 69. [4] لحديث أنس - رضي الله عنه -: ((أن قدح النبي - صلى الله عليه وسلم - انكسر فاتخذ مكان الشَّعْب سلسلة من فضة)) أخرجه البخاري في كتاب فرض الخمس، باب ما ذكر من درع النبي - صلى الله عليه وسلم -، برقم 3109، وفي كتاب الأشربة، باب الشرب من قدح النبي - صلى الله عليه وسلم - وآنيته، برقم 5638. وانظر: الشرح الممتع، 1/ 64. [5] متفق عليه: أخرجه البخاري في كتاب الأطعمة، باب الأكل من إناء مفضض، برقم 5426، ومسلم في كتاب اللباس والزينة، باب تحريم استعمال إناء الذهب والفضة على الرجال والنساء، برقم 2067.