قال: إني إذًا لجريء، بل سمعته من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - غير مرة، ولا مرتين، ولا ثلاثة، قال: فعد مرارا، قال: ثم تلا هذه الآية {يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ} حتى بلغ {هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ}.
وقد رواه الطبراني في معجمه الصغير من طريق الوليد بن مسلم، حدثنا خليد بن دعلج، حدثنا أبو غالب قال: جيء برؤوس الخوارج فنصبت على درج مسجد دمشق، فجعل الناس ينظرون إليها، وخرجت أنا أنظر إليها، فجاء أبو أمامة على حمار وعليه قميص سنبلاني، فنظر إليهم فقال: ما صنع الشيطان بهذه الأمة؟! يقولها ثلاثا؛ «شر قتلى تحت ظل السماء هؤلاء، خير قتلى تحت ظل السماء من قتله هؤلاء، كلاب النار -يقولها ثلاثا» ثم بكى، ثم انصرف، قال أبو غالب: فاتبعته، فقلت: سمعتك تقول قولا قبل، أفأنت قلته؟ فقال: سبحان الله! إني إذًا لجريء، بل سمعت ذلك من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مرارا، فقلت له: رأيتك بكيت؟ فقال: رحمة لهم؛ كانوا من أهل الإسلام مرة، ثم قال لي: أما تقرأ؟ قلت: بلى، قال: فاقرأ من آل عمران، فقرأت فقال: أما تسمع قول الله عز وجل: {فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ}؛ كان في قلوب هؤلاء زيغ فزيغ بهم، اقرأ عند رأس المائة، فقرأت حتى إذا بلغت: {يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ} فقلت: يا أبا أمامة، أهم هؤلاء؟ قال: نعم هؤلاء.
وقد رواه عبد الله ابن الإمام أحمد من وجه آخر فقال: حدثني أبو خيثمة