وتأخر حكمها بعد الهجرة، إذ من المعلوم بالضرورة أنه لم يكن بمكة يومئذ نخل ولا زرع، ولم تكن الزكاة فرضت إلا بعد الهجرة، ومن ذلك قوله تعالى: {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى} [الأعلى: 14] أي: أعطى صدقة الفطر، {وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى} [الأعلى: 15] أي خرج إلى العيد فصلى صلاته، روي ذلك عن أبي سعيد الخدري، وعبد الله بن عمر - رضي الله عنهم -، وهو قول أبي العالية وابن سيرين، فهذه الآية مكية، وحكمها على قول هؤلاء متأخر بعد الهجرة، والله أعلم.
والمقصود هاهنا أن قول قتادة أولى وأقرب إلى ظاهر هذه الآية، وفيها دليل على كفر تارك الزكاة، والله أعلم.
وأما الحديث: فهو ما رواه الحاكم في مستدركه، عن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «والله يا معشر قريش لتقيمن الصلاة ولتؤتن الزكاة، أو لأبعثن عليكم رجلا فيضرب أعناقكم على الدين» قال الحاكم: صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي في تلخيصه.
وفيه دليل على أنه لا دين لمن ترك الزكاة، ومن لا دين له فليس بمسلم.
وقد اتفق الصحابة - رضي الله عنهم - على قتال مانعي الزكاة، وسموهم أهل الردة.
وقال ابن القيم رحمه الله تعالى في كتاب "الهدي": روينا من حديث أبي علي الحسن بن الحسين بن دوما، عن البراء بن عازب -رضي الله عنهما-