ذكره ابن رُشيد عن الميانشي عن المازري من أنه كان متحرراً في آرائه فهو يجمع بين الآراء ويتتبع ما يراه صالحاً. وهذا يدل على أنه لم يكن مقلداً صرفاً كالكثير من الذين لا ينظرون نظرة بعيدة تقارن بين المذاهب وتجمع بين الآراء.
مواقف الفقهاء من المازري:
يقول ابن عرفة: وفي المازري نظر، هل يستحق الاجتهاد أم لا؟ وتعقب هذا بأن ابن دقيق العيد [87] وابن عبد السلام [88] لا يبلغان درجة [87] ابن دقيق العيد محمد بن وهب القشيري أبو الفتح تقي الدين (625 - 702) قال ابن السبكي: المجتهد المطلق ذو الخبرة التامة بعلوم الشريعة قال أبو الفتح ابن سيد الناس: كان حسن الاستنباط للاحكام والمعاني من السنة والكتاب.
ومع هذا الاجتهاد كان يدعيه المالكية والشافعية كما قال محمد بن محمد المعروف بابن القُوبع التونسي فيه لأنه أتقن أدلتهم:
صَبَا فِي العِلْمِ صَبًّا فِي صِبَاهُ ... فَأعلِ بِهِمَّةِ الصَبِّ الصَّبِيّ
وَأتقَنَ وَالشَّبَابُ لَهُ لِبَاسٌ ... أدِلَّةَ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيّ
وما ذكره السبكي وابن سيد الناس يشهد لاجتهاده؛ لكن يبقى النظر في المفاضلة بينه وبين المازري، لكن هناك ما يشهد بتفضيل المازري عليه وهو ما قدمته في البحث في اجتهاده لأن تعجبه من عدم ادعاء المازري الاجتهاد دليل على أنه يرى أن منزلة المازري كبيرة فإن لم تكن أعلى من منزلته فهي لا تقل عنه.
انظر ترجمة ابن دقيق العيد ابن السبكي (ج 6 ص 2 - 31). [88] ابن عبد السلام هو محمد بن عبد السلام بن يوسف الهواري التونسي، قال ابن فرحون: كان عالماً بالحديث له أهلية الترجيح بين الأقوال (- 749).
وشرحه لابن الحاجب دليل على تفقهه واجتهاده المذهبي لكن إذا نظرنا في كتابه هذا وما ذكره المازري في شرح التلقين نرى البون شاسعاً بين تمكن المازري من الاستنباط وتمكن ابن عبد السلام. =