إن ابن شاهين ذكر أنه قال: صليت خلف الإِمام أبي عبد الله المازري فسمعته يقرأ بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين. ولما خلوت به قلت: يا سيدي سمعتك تقرأ في صلاة الفريضة كذا. فقال: أوَ قد تفطنت لذالك، فقلت: يا سيدي أنت اليوم إمام في مذهب مالك، ولا بد أن تخبرني. فقال: أسمع يا عمر قول واحد في مذهب مالك أنه من قرأ: بسم الله الرحمن الرحيم، في الفريضة لا تبطل صلاته، وقول واحد في مذهب الشافعي: أن من لم يقرأ: بسم الله الرحمن الرحيم، بطلت صلاته فأنا أفعل ما لا تبطل به صلاتي في مذهب إمامي ولا تبطل في مذهب غيره لكي أخرج من الخلاف. فتركني شيخناً ابن دقيق العيد رضي الله عنه حتى استوفيت الحكاية وهو مصغ لذلك: فلما قطعت كلامي قال: هذا حسن إلا أن التاريخ يأبى ما ذكرت فإن ابن شاهين لم يلق المازري.
فقلت: إنما أردت الميانشي، فقال: الآن صح ما ذكرته" [85].
والميانشي أحد تلاميذ المازري وقد تقدمت ترجمته، وهو من الذين طواهم النسيان، وقد ترجمتُ له ترجمة مطولة في مجلة المنهل الحجازية نشرت منذ سنوات [86].
وهذه المسألة ذات بحث طويل أدت إلى البلبلة في الأذهان وما ذكره المازري من رعي الخلاف قد ذكر القرافي في فروقه خلافه حيث ذكر أن التقليد يرفع الخلاف. وإلى خلاف ما ذهب إليه المازري ذهب إليه شيخه اللخمي وكذا القاضي عياض الذي يقول: القول بمراعاة الخلاف لا يعضده القياس.
والذي يهمنا ليس تحرير الفقه في هذه المسألة وإنما ما نستنتجه مما [85] إيضاح المسالك (ص 5). [86] انظر مجلة المنهل (م 25 ج 9 ص 619).