المازري، ومع ذلك يثبت ابن عرفة الاجتهاد لابن دقيق العيد ونظرائه.
وفي نيل الابتهاج قال بعض شيوخ العصر من الأدلة القطعية عندي أن ابن دقيق العيد والسبكي ما بلغوا رتبة الاجتهاد المطلق فأحرى السيوطي وأضرابه الذين ادعوا هذه المرتبة، وأين مرتبتهم من مرتبة الغزالي وإمام الحرمين في الفقه والإِمامة وقوة الذهن، تالله لا نسبة بينهم في شيء من ذلك [89].
هناك موقفان للفقهاء مع المازري فابن عرفة يثبت الاجتهاد لابن دقيق العيد ومن كان على درجته كابن عبد السلام ومع ذلك يتردد في المازرى فموقف ابن عرفة هذا حط من منزلة المازري. وبإزاء هذا الموقف موقف آخر يحمل على ابن عرفة كيف يرى الاجتهاد لابن دقيق العيد ولا يراه للمازرى. ومن هذين الموقفين يستخلص أن من حقُّه الاجتهاد كالمازري لم يدع الاجتهاد ومثله الغزالي وإمام الحرمين، فهؤلاء الثلاثة منزلتهم في العلم
= لكن هذا لا يمنع من إكبار منزلة ابن عبد السلام وأنه حرى بأن يكون من فقهاء المالكية المجتهدين انظر في ترجمته ابن فرحون (ج 2 ص 329). [89] أدى إلى إثارة هذه المسألة ما دار من مناظرة بين يدي السلطان ابن تاشفين صاحب تلمسان (- 737) من أن ابن القاسم مجتهد أو غير مجتهد ودارت هذه المناظرة بين إمامين من أيمة المالكية، وهما: أبو زيد بن الإِمام (- 743)، وأبو موسى المِشِذَّالي (- 745).
ثم إن ابن عرفة قال في حق ابن القاسم: إنه مزجي البضاعة في الحديث. وتوقف في المازري فتعقب عليه ما تقدم. وقد ذكر الونشريسي في المعيار بحثاً نفيساً لأخي أبى زيد ابن الإِمام (- 749)، خلاصته: أنه سئل عن ابن القاسم هل هو مجتهد مطلق أو مقلد لمالك؟ فأجاب: هو مقلد لمالك رضي الله عنهما لا مجتهد مطلق، بل مجتهد في مذهبه متمكن من الاستنباط على أصوله وقواعده المعتبرة عنده في تحصيل أحكام الله تعالى، وقد شفى الغليل في جوابه هذا. انظر المعيار (ج 6 ص 247).