responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : فيض الباري على صحيح البخاري نویسنده : الكشميري، محمد أنور شاه    جلد : 1  صفحه : 483
يعتضد الانقطاع بالاغتسال، بخلاف الصورة الثانية، فإنه إذا انقطع على أكثر مدته فلا خشية لعوده، وتطهر حسًا فيجوز الجماع بدون الاغتسال.
قيل: إن أبا حنيفة رحمه الله تعالى تفرَّد في إباحة الجماع بلا غُسل، لأن القرآن يدلّ على أن الإتيان إنما يُبَاح له بعد الاغتسال فقال: {فَإِذَا تَطَهَّرْنَ} [البقرة: 222] أي اغتسلن {فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ} قلت: والجماع وإن كان جائزًا بدون الاغتسال لكنه يُستحبُّ لها أن تغتسل ثم يجامعها زوجها، ويجب الغُسل للصلاة إجماعًا، فإنها غير طاهرة حكمًا، وإن طَهُرَتْ حسًا. وحينئذٍ جاز لي أن أقول: إن المراد من التطهر في النص هو التطهُّر بنَحْوَيْهِ. ومعنى قوله: {فَإِذَا تَطَهَّرْنَ} أي وجوبًا تارةً واستحبابًا أخرى {فَأْتُوهُنَّ} ... إلخ، وذلك عندي واسع في اللغة ولا بدع عندي في إدخال مسمًّى واحد وحقيقة واحدة تحت لفظ، وإن اختلفت صفاته من الخارج، كالاستحباب والوجوب، فإن هاتين صفتان تَعْرِضان للحقيقة من الخارج مع بقائها في الصورتين. فإن الصلاة حقيقةٌ واحدة ولا اختلاف في حقيقتها بين الفريضة والنافلة، فإنهما صفتان لها بالنظر إلى لُحُوق الأمر وعدمه، وحينئذ لا ضَيْرَ في إدخال النوعين تحت لفظ واحد، وقد فصَّلناه في رسالتنا «فصل الخطاب» بما لا مزيد عليه.
وبالجملةِ الأقربُ عندي أن القرآن إذا لم يتعرض إلى أقلّ الحيض وأكثره - كما كان غير متعين في الخارج - فلا يُبنى الأحكام على أقله وأكثره. فالذي ينبغي أن يُشترط الغُسل للجماع ولا بُدَّ. نعم إن قام دليل للمجتهد من الخارج على أنَّ الدم لا يتجاوز عن العشرة، فله أن يُجيز به قبل الاغتسال لطهارتها حسًا، ولكن المستحسن للقرآن هو الإطلاق، لأنه ينزل بما هو مطلوب، وللمجتهد هو التفصيل، لأنه يبحث عن الفروع.
وتفصيله أنَّ القرآنَ عَلَّق الإتيان بالأمرين:
الأول: هو الطهارة الحسية، وهو المشار إليه بقوله: {حَتَّى يَطْهُرْنَ}.
والثاني: الاغتسال، وهو المذكور بقوله: {فَإِذَا تَطَهَّرْنَ}. وكأنَّ أصل الكلام هكذا: فإذا طَهُرْنَ وتَطَهَّرْنَ فأتوهن من حيث ... إلخ. وإنما حُذِف أحدُ الفعلين اختصارًا لدلالة ما قبله عليه، وإنما راعى الأمرين لأن من عادة النساء أنهن لا يَطْمَأننَّ في أنفسهن في طُهورهن ما دُمنَ لم يغتسلن، ولا يزال يبقى لهن التردد في عَوْدِ الدم، وإن كان انقطع على عادتهن، فإذا اغتسلن فيطمئن قلبهن، فكما أن الطمأنينة في الخارج لم تحصل لهن إلا بعد الطُّهْر السماوي والاختياري كليهما، كذلك القرآن أخذ مجموع الأمرين على وَفْقِ ما في الخارج.
فهذا الذي مشى عليه القرآن، يعني على الإبهام والإجمال بدون عناية إلى تفصيل بين الأقل والأكثر، وبدون تفصيل في البناء عليهما. ثم جاء المجتهد وقسم هذين الأمرين وقال: إن الدم إن تَصَرَّم لأكثر مدته فالدخيل في أمر جماعها هو الطهارة السماوية فقط، فيباح له الجماع بمجرَّد انقطاعه وإن تَصَرَّم لأقل منه فالدخيل هو الطهارة الاختيارية، أي الاغتسال، فلا يجوز الجماع إلا بعده، فينبغي للقرآن الإطلاق في صورة الإطلاق وتفويض التفاصيل إلى

نام کتاب : فيض الباري على صحيح البخاري نویسنده : الكشميري، محمد أنور شاه    جلد : 1  صفحه : 483
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست